بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،، والصلاة والسلام على سيد المرسلين:-
إن "التحليل النفسي للسوق" يعنى بقراءة تلك العوامل والمؤثرات التي تغير في اتجاه النفسيات والقناعات تجاه أمر معين لتقوم بعد ذلك باتخاذ ردة فعل معينة بخصوص الحدث أو الواقعة وذلك على حسب التفسير لهذه العوامل والمؤثرات ،وبما أن أحداث السوق تمثل "بيئة استثمارية أساساً" فلا بد أن نقوم بربط القناعات بالبيئة الاستثمارية وبما يؤثر فيها مثل التدفق النقدي ، السياسة المحلية والاقليمية والدولية ، الظواهر الاقتصاد ية مثل التضخم وسعر النفط ، وظروف الصناعة بالاضافة إلى الاخبار والاشاعات المؤثرة في توجهات المستثمرين عموماً..!!
وفي "سوق الأسهم" عندما يظهر للسطح ما يؤثر في القناعات فلا يمكن لأحد أن يجزم بأسلوب ترجمتها إلى الواقع إلا "أثناء السوق" من خلال وضع نقاط هامة تساهم في ترجمة هذه القناعات بالسلب أو بالإيجاب ، وذلك لأن فترة التداول ما هي إلا صراع بين قسمين وهم الراغبين في الشراء والراغبين في البيع ويتخلل ذلك "إشاعه ، خبر مباشر" مما يزيد من احتمالية "تقلب الأمزجة والتأثير على النفسيات" أثناء السوق بالاضافة إلى ما يسبق ذلك من "شحن نفسي سابق" مدفوع الثمن أو طيب النوايا ، لذلك فعلى ((المحلل النفسي للسوق)) نفسه أن لا عدم يجزم بحدوث اتجاه معين ، بل يوعليه يضع عدة احتمالات ويرشح أقربها حدوثاً لأن ذلك من "المرونة" وهي لا تعتبر تنصلاً من المسئولية بل فيها هروب من "الجمود" والثبات على أمر يتعتريه التغير في أجزاء الساعة ، ولو كانت السوق ثابتاً على قراءة واحدة لكنا أول من يجزم باتجاه معين لها..!!
والسؤال الآن: كيف يقرأ "التحليل النفسي" الأحداث ؟؟؟
الجواب: إن المؤثرات والعوامل النفسية التي تؤثر في قناعات "المساهمين" تحتاج دائماً إلى مراجعة وتفسير سريعين حتى نستطيع أن نستبق أي ردة الفعل المتوقعة من قبل المساهمين في سوق متقلبة ، ومن الخطأ الجسيم أن يتوقف "المحلل النفسي للسوق" كثيراً عند تفسير "العوامل النفسية" و"قراءة الأحداث" الحالية دون النظر في ردة الفعل المباشرة على السوق وتسجيلها في الذاكرة بعكس التحليل الفني الذي يسجل "ردة الفعل" تجاه هذه العوامل بعد أن تنقضي والمضارب اللحظي يعرف ذلك جيداً حينما يرى مؤشرات التحليل الفني تقف حائرة في تفسير الحدث قبل وقوعه ، ونستطيع قراءة الحدث وتأثيره بشكل عملي إذا ربطنا التفسير المحتمل لهذه العوامل المؤثرة ودورها في توجيه القناعات بنقاط "فنية" أو "نفسية" هامة تتم مراقبتها لمعرفة ما هي "ردة الفعل" القادمة تجاه الأحداث المستجدة ، بالاضافة لمراقبة تسارع الكميات والصفقات أو تناقصها..!!
وعلى سبيل المثال "إنتشرت إشاعة ما" فإن "صانع السهم أو الهامور" يكثف اتصالاته الشخصية لمعرفة صدق هذه الاشاعة من عدمها ثم يترجم ذلك من خلال قرار استثماري يؤثر بدوره على حركة السهم الخاص به ولكنه يحاول في نفس الوقت قراءة تفسير المساهمين الصغار لهذه الاشاعة فيقوم بفعل عكس ما يتوقعه من "ردة فعل" سيقومون بها ، فإن كانت الاشاعة "سلبية" على المساهمين وصحيحة في نفس الوقت ، فإن المتوقع هو أن يقوم "الهامور" بدعم سهمه كي لا يهبط حتى يبعث رسالة للمساهمين تفيد "بأن الاشاعة كانت غير صحيحة"..أما إن كانت الاشاعة "سلبية" على المساهمين ولكنها "غير صحيحة ، فالمتوقع هو قيام الهامور بضرب سهمه ليبعث رسالة مفادها "الاشاعة صحيحة" فيقوم المساهمين ببيع أسهمهم ، وبالعكس في حال كانت الاشاعة إيجابية عند المساهمين ولكنها غير صحيحة فالمعتاد هو أن يرفع الهامور السهم ليوهم المساهمين بصحة الاشاعة ، وحينما تكون الاشاعة ايجابية عند المساهمين وصحيحة في نفس الوقت فإن الهامور غالباً ما يقوم بالضغط على السهم ليوهم للمساهمين بأن الاشاعة غير صحيحة ، ومن وجهة نظر خاصة وشخصية فإن "الاشاعة" تعد قارئاً ممتازاً من حيث أنها تكشف "حالات التصريف والتجميع الخفية" صحيح بأننا جميعاً نحارب الاشاعة ونساهم في الحد منها ، ولكن أرى بأنها لن تتوقف بين الناس والسبب بإختصار لأنه فتنته في "المال" (وتحبون المال حبا جما)الآية ، ولكن أعتقد أننا بحاجة إلى سماع الاشاعة وعرضها على "أهل العلم والمعرفة" حتى يتم تفسير الغرض منها وأهداف مروجيها ، وبعد ذلك تعاد لتدفن في مهدها ..!!
وأما ما يخص الخبر الرسمي وعادة ما يكون من "هيئة السوق المالية" فالأمر مختلف تماماً ، فإن كان الخبر إيجابياً لدى المساهمين وفي السهم "هامور مسيطر" والسهم قيد التجميع فإنه عادة ما يقوم ببيع ببعض كمياته من السهم للضغط عليه مجدداً وهو ما يوضح التجميع العلني ، وإن كان في مرحلة التصريف فإنه يرفع السهم بشكل غير مسبوق للخروج من السهم أو تحرير بعض كمياته لاستخدامها فيما بعد وهذا هو التصريف العلني ، وإن كان الخبر سلبياً على المساهمين والسهم قيد التجميع فالهامور يقوم في الغالب بالشراء في السهم لرفع السهم ودعمه حتى لا يهوي عليه وعلى الجميع وهو ما يكشف أن في السهم "هامور مسيطر" لا يزال في مرحلة التجميع ، وأما ما يفعله "الهامور" إن كان الخبر إيجابي عند المساهمين وسهمه قيد التصريف فهو قيامه برفع السهم أكثر لأسعار أعلى والاستفادة من دخول المساهمين على سهمه بشكل أكبر سواء كان تصريفه للخروج الجزئي أو الكلي..والله أعلم
والنقطة الهامة من ذكر التفاصيل الخاصة بالخبر والاشاعة هي:
أنه يجب علينا قراءة ردود أفعال المساهمين تجاه الاشاعة أو الخبر كما يقرئها "هامور السهم" تماماً ،، ونتخذ القرار الموازي والموافق لقرار "صانع السهم" بحيث نكون بذلك من أوائل المشترين عندما يرغب في رفع سهمه ، ومن أوائل الخارجين عند رغبته في بيع بعض أسهمه أو كلها ، وبما أننا لا نستطيع معرفة توجهات الصانع للسوق أو للسهم ، فإن قراءة نفسيات المساهمين عموماً تجاه الأحداث هي ما تفسر لنا "نفسية الهامور" بشكل أوضح ، وهي أهم نقطة يجب علينا متابعتها ، بحيث لا نتجاهل تفسير الغالبية تجاه الأحداث حتى لو امتلكنا "المعلومة" لأن احتمال تسريبها لمصلحة "الهامور" أمر وارد بل إنه ما يقع بالفعل ، وأيضاً لا يمكن لنا تفسير توجهات الغالبية تجاه "الحدث" إذا لم نربط ذلك بالتحليل الفني ونحاول معرفة المرحلة التي يعيش فيها الهامور هل هي تجميع أو تصريف ، وهل هما على نهايتهما أم لا يزالان في البداية..!!
الخلاصة:
* أن "المحلل النفسي للسوق" لا يستطيع الجزم باتجاه معين ، ولكنه يستطيع تفسير الحدث بشكل أسرع من التحليل الفني.
* ضرورة تفسير الاحداث المؤثرة على النفسيات دون التوقف عندها طويلا ، بحيث نفقد سرعة التصرف مع تقلبات السوق.
* ربط العوامل المؤثرة على قناعات المساهمين عموام بنقاط هامة "فنية" أو "نفسية".
* تفسير قراءة نفسيات الغالبية تجاه الحدث يعكس لنا ما يضمره الهامور.
* ضرورة الربط بين قراءة النفسيات تجاه الحدث مع وضع السهم العام "تجميع أو تصريف".
* التفريق بين الخبر والاشاعة في توجهات المساهمين عموما والهامور خصوصاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والحمد لله رب العالمين ،، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أخوكم/ جعبة الأسهم