تدابير سعودية طارئة لكبح جماح التضخم للسنوات الثلاث المقبلة
الوطن السعودية 13/02/2008
أكد تقرير اقتصادي أن السعودية اتخذت تدابير طارئة خلال السنوات الثلاث المقبلة لكبح جماح التضخم الناجم من ارتفاع التكاليف، نتيجة لضعف الاقتصاد الأمريكي، وارتباط الريال بالدولار، مما يعيق ارتفاع قيمة الريال ويزيد التضخم، ورجح التقرير في الوقت نفسه استمرار الأداء الاقتصادي القوي للمملكة مدعوما بالإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، وارتفاع أسعار النفط، مما يفتح آفاقا مستقبلية واعدة للاقتصاد السعودي خلال الأعوام المقبلة.
وتوقع التقرير الصادر عن بيت الاستثمار العالمي "جلوبل" استفادة الاقتصاد السعودي من عمليات التنوع الاقتصادي وزيادة جاذبية بيئة الاستثمار، ومضي المملكة في تطبيق برنامج الخصخصة وخلق بيئة أعمال أكثر جاذبية لاستثمارات القطاع الخاص وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، على أن يدعم ذلك نمو القطاع الصناعي، قطاعي الكهرباء والمياه، البتروكيماويات، وغيرها من الصناعات التكميلية، إضافة إلى قطاع الصناعات التعدينية ذات الاستخدام الكثيف للطاقة.
ووذكرت "جلوبل" في تقريرها السنوي حول الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية للمملكة، أن معدل التضخم في السعودية ارتفع 4.1% خلال العام الماضي مقابل 2.2 % للعام الأسبق، حيث تصاعدت أسعار المواد الغذائية والإيجارات بما نسبته 7% و8% على التوالي خلال العام الماضي، معتبرا أن معدلات التضخم في السعودية ارتفعت بشكل حاد رغم أنها تعتبر أقل من نظرائها في المنطقة.
وأضاف التقرير أن مشكلة التضخم في المملكة لا تعتبر مجرد مشكلة محلية لكنها تتعلق أكثر بالتضخم الناتج عن ارتفاع التكاليف، نتيجة لضعف الاقتصاد الأمريكي، وارتباط الريال بالدولار، مما يعيق ارتفاع قيمة الريال ويزيد التضخم، مشيرا إلى أن السعودية اتخذت تدابير طارئة ستبقى سارية النفاذ لمدة ثلاثة أعوام للسيطرة على معدلات التضخم المتزايدة.
وتعد السعودية ـ طبقا لما أورده التقرير ـ واحدة من الاقتصادات التي تشهد نموا في المنطقة، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي الحقيقي 6.1% عام 2005، و4.3% عام 2006، فيما شهدت المملكة وفي الأعوام القليلة الماضية ازدهارا اقتصاديا يعزى بصفة أساسية إلى قوة قطاع النفط، وتحسن البيئة الجغرافية السياسية المحلية، وتعجيل الإجراءات الإصلاحية، والانضمام إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، ونمو الموجودات الأجنبية الخاصة بمؤسسة النقد العربي السعودي، وزيادة السيولة في السوق، بالإضافة إلى النمو القوي للقطاع الخاص وارتفاع أرباح الشركات.
وقال التقرير إن النفط يمثل الجزء الأكبر من إيرادات المملكة. إلا أن المسؤولين في الحكومة قاموا بإعداد صياغة للرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي عام 2025، ليصبح عندئذ الاقتصاد السعودي أكثر تنوعا، يتميز بقيادة القطاع الخاص، ويوفر فرص عمل مجزية، وتعليما عالي الجودة، ورعاية صحية فائقة بالإضافة إلى توفير المهارات اللازمة لتحقيق زخم نمو إيجابي.
وأوضح التقرير أن المملكة تُركز حاليا على تطوير بيئة استثمارية جذابة. حيث قامت على مدى الأعوام القليلة الماضية بتخفيض الضريبة على الشركات الأجنبية من 45% إلى 20%، الأمر الذي ساعد على زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي ارتفعت من 183 مليون دولار عام 2000 إلى 18.2 مليار ريال في عام 2006.
وأكد التقرير أن الهيئات الاستثمارية السعودية تتطلع إلى جذب استثمارات تقدر بنحو 300 مليار دولار في مجال "الصناعات ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة" على مدى السنوات الثلاث عشرة المقبلة، فضلا عن تخصيص 100 مليار دولار لاستثمارها في "الصناعات المعرفية"، و100 مليار دولار أخرى لمشاريع النقل والمواصلات. وأكد أن مشاريع الصناعة المتنوعة التي تشمل تطوير النقل والمواصلات، وبناء ست مدن جديدة بالإضافة إلى مشروعات الغاز والنفط، سوف تؤدي إلى زيادة مستوى الاستثمار الذي تتطلع إليه المملكة.
واعتبر التقرير أن من ضمن القوى الدافعة للطلب على الاستثمار في المملكة، التوسعات التي يقوم بها حاليا مصدرو السلع في الطاقة الاستيعابية، وعلى رأسهم شركتا أرامكو السعودية والشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، حيث تعمل الشركتان حاليا على تنفيذ مشاريع توسعية ضخمة يتوقع الانتهاء من جزء كبير منها في الفترة ما بين 2008 و2010، إذ بدأت "أرامكو" تنفيذ المرحلة الأولى من توسيع طاقتها الإنتاجية من 10.5 ملايين برميل يوميا
في الوقت الحاضر إلى 12.5 مليون برميل يوميا بحلول عام 2009 وذلك من خلال سلسلة من المشاريع، كما تتطلع "سابك" إلى رفع طاقتها الإنتاجية إلى 60 مليون طن سنويا بحلول عام 2008 إلى 80 مليون طن سنويا بحلول عام 2012، ثم إلى 100 مليون طن في السنة بحلول عام 2015.
وذكر التقرير أن المملكة تركز جهودها في الاستثمار والتدريب في قطاع الصناعة حيث تعمل على تقليل اعتمادها على النفط لتحقيق التنمية الاقتصادية، إلا أنها تواجه ضغوطا متزايدة للارتقاء بمستوى التدريب والتعليم، ولكنها تتطلع مستقبلا لبناء عدد من المدن الصناعية التي من شأنها العمل على استقطاب الاستثمارات، وتطوير اقتصاد أوسع نطاقا وتوفير فرص عمل للشباب السعودي.
وتم بناء 12 مدينة صناعية في جميع البلاد تضم أكثر من 1.6 ألف وحدة صناعية، حيث تجاوز إجمالي عدد المشاريع التصنيعية والصناعية في المملكة حاليا 3.8 آلاف مؤسسة، كما تم وضع برنامج وطني لتطوير التجمعات الصناعية لتوسيع القاعدة الصناعية.
وتابع أن هذه الإستراتيجية تهدف إلى تشجيع صناعات تجهيز المعادن، وتجميع السيارات بالإضافة إلى إنتاج مواد البناء والتغليف والسلع الاستهلاكية، والسلع الكهربائية والإلكترونية والتي يمكن أن تجذب الاستثمارات الأجنبية.
وتوقع التقرير أن يستفيد قطاعا النقل والاتصالات خصوصا من إلغاء القيود التنظيمية، حيث يتوقع أن يشهدا نموا بنسبة تتجاوز 9% حتى نهاية عام 2010، كما سيكون قطاع البناء والتشييد من أكبر المستفيدين أيضا بفضل عدد من المشاريع المخطط تنفيذها والتي تصل تكلفتها إلى 300 مليار دولار، إلى جانب وجود فرص واعدة في المشاريع الاستثمارية المستقلة للطاقة والمياه.