الأسعار تزيد ومعدل التضخم في سبات عميق !
عبد المجيد بن عبد الرحمن الفايز - كاتب اقتصادي
Fax_2752269@yahoo.com
في ظل موجة ارتفاع أسعار معظم السلع الاستهلاكية والخدمات والتي بدأت خلال الأشهر الماضية مازلت أتساءل دائما عن مصداقية نسبة التضخم التي تعلنها الجهات المختصة مثل وزارة المالية ومؤسسة النقد بالرغم من أن إعدادها أوكل إلى وزارة التخطيط والاقتصاد الوطني ممثلة في مصلحة الإحصاءات العامة، وذلك لسبب بسيط يلاحظه مرتادو الأسواق ودافعو الإيجار فكل شيء تقريبا ارتفع في حين أن نسبة التضخم لدينا لا تتحرك كثيرا، حتى الدول التي تشاركنا الظروف الاقتصادية والنمط الاستهلاكي مثل دول الخليج شذت عنا إذ راوحت نسب التضخم فيها بين 3-7 في المائة بينما عندنا، ولله الحمد، لم تتجاوز 1 في المائة، كما أن معظم دول العالم لديها معدلات تضخم تزيد على ما عندنا ونحن نستورد معظم احتياجاتنا منها إلا أن الأسعار تزيد ونسبة التضخم في سبات عميق.
هل يحاول من يعد نسبة التضخم توزيع أوزان السلع والخدمات من أجل المحافظة على معدل مقبول؟ أم أن الأسعار التي يعتمدون عليها في حسابه تؤخذ أوقات التخفيضات الموسمية؟ لا إجابة لديّ، إلا أنني أعلم أن التضخم لدينا معدله مرتفع ويتجاوز كثيرا الرقم المعلن حتى وإن انخفضت أسعار بعض السلع مثل البنزين.
وإذا جنبنا نسبة التضخم المعلنة وحاولنا تبرير الارتفاع الحاصل في الأسعار فإننا سنحيل الأمر إلى مجموعة أسباب أهمها انخفاض أسعار صرف الدولار الذي يرتبط به ريالنا بحبل غليظ أمام معظم العملات الأخرى مثل اليوروالين وغيرهما، كما أن متوسط التضخم العالمي مرتفع ونحن نستهلك سلعا مستوردة في غالب الأحيان. وهناك سبب آخر نفته وزارة التجارة في بيانها الشهير جملة وتفصيلا وهو استغلال التجار ومقدمي الخدمات ارتفاع أسعار السلع في بلدان المنشأ بشكل لا يليق، خصوصا أنهم لا يعرفون خفض الأسعار حتى لو انخفضت أسعار الاستيراد.
ومع أن التضخم يعود كما يقال في كتب الاقتصاد إلى زيادة الطلب على العرض، فإن ذلك صحيح لو كانت السلع تنتج محليا أما إذا كانت تستورد فلا بد من البحث عن أسباب أخرى لعل أهمها كما ذكرت ما يعرف بالتضخم المستورد.
لا يهم من وجهة نظري معرفة السبب بقدر ما يهم العمل على تعقيل الأسعار ولجم التجار الاستغلاليين، وهذا يتطلب حزمة إجراءات من قبل العديد من الجهات الحكومية مثل وزارات كل من: المالية، التجارة، الشؤون البلدية، التخطيط، وغيرها. وعلى سبيل المثال لا ينبغي أن تستمر وزارة المالية في ربط الريال بالدولار لأن هذا أثر سلبا في القيمة الحقيقية لإيراداتنا وأسهم في ارتفاع قيمة فاتورة مستورداتنا من الخارج، كما أن التفكير في شراء سندات الدين العام ينم عن سوء تقدير بالغ، فالمطلوب تخفيض السيولة في الاقتصاد لا زيادتها.
أما وزارة التجارة، فلا ينبغي لها تبرير ارتفاع الأسعار لأنها مطالبة بغير ذلك مثل العمل على زيادة كميات المعروض من السلع وفك الاحتكار الذي يسهم في ارتفاع الأسعار وهو ما يسمى بالوكالات الحصرية، كما أنها مطالبة بالتشهير بكل من يستغل المستهلكين، إذ لم نسمع أن الوزارة قامت بمعاقبة أحد التجار عن تجاوزات ومخالفات من هذا النوع وكأننا في بلد جميع المستوردين فيه من الملائكة.
والغريب أن وزارة الزراعة تسمح بتصدير بعض المنتجات الزراعية للخارج في حين أن الأسعار تتضاعف في الداخل مع أن دولة مثل سورية منعت تصدير الأغنام للمملكة عندما لاحظت ارتفاع أسعارها داخل سورية.
الجميع يتفق أن التضخم يضر أكثر ما يضر أصحاب الدخول الثابتة وشبه الثابتة وهم كثر لدينا، لذا فمن المأمل أن تقوم جميع الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بدورها في تعقيل الأسعار، كما أن وزارة التخطيط مطالبة بشفافية أكثر عند حساب معدل التضخم فنحن في عصر الشفافية.