مخاطر البورصة.. وأخطاء المستثمرين
حسام الدين محمد السيد **
مستثمرون سعوديون يتابعون حركة الأسهم
أي مستثمر في البورصة سواء أكانت استثماراته صغيرة أم كبيرة، عليه أن يفكر مليا في المخاطرة التي تحيط بأمواله، فضلا عن أن حجم التقلبات السعرية التي يرغب في تقبلها تمثل معيارًا هاما للتقييم عند اختيار التشكيلة المناسبة من الأسهم والسندات، والأدوات المالية قصيرة الأجل؛ حيث يجب أن تعطي قدرا من الأمان الاستثماري.
وبشكل عام تنقسم مخاطر البورصة إلى عدة أنواع؛ منها ما ينبع من الأحداث العامة التي تؤثر في السوق مثل: الحروب والأزمات السياسية والكوارث الطبيعية، وهناك مخاطر لها علاقة بالقطاعات الاقتصادية التي تعمل فيها الشركات مثل التغيرات التي قد تطرأ على القوانين والتشريعات المالية الخاصة بالعمل ضمن هذه القطاعات.
وتمتد هذه المخاطر إلى الشركات التي لها أسهم يتم تداولها في البورصة مثل المشاكل الإدارية، وانخفاض مستوى الأداء قياسا بالشركات المنافسة، يضاف إلى ذلك أي تغيرات تطرأ على معدلات الفائدة، كما يحددها البنك المركزي.
مخاطر غير ملموسة
لكن يلاحظ أن هناك مخاطر غير ملموسة في البورصة، تشكل جانبًا مهمًّا لا يلتفت له بعض المستثمرين، رغم أنها تؤثر بشكل كبير على السوق، ومن أبرزها:
- الخوف والطمع: وهما من أهم العوامل غير الملموسة التي تؤثر على سوق الأوراق المالية؛ فالخوف يؤدي إلى إسراع الأفراد لبيع الأسهم، وبتناقل الأنباء يتحول المجتمع الاستثماري إلى عملية بيع جماعي يترتب عليها هبوط شديد في المؤشر العام للبورصة. وهنا يجب تجنب عمليات الشراء في أوقات وجود خوف من الهبوط في الأسعار واتجاه الأفراد نحو البيع الجماعي.
أما الطمع فهو أحد محددات السوق غير القابلة للقياس، والتي تؤثر بشكل مباشر في حركة شراء الأسهم، فتدفع غريزة الطمع الأفراد نحو الشراء بدافع الحصول على مزيد من الربح مما يدفع الأسعار نحو الارتفاع.
وكل من الخوف والطمع يترتب عليهما مخاطر في سوق التداول في جميع أنواع البورصات؛ فالخوف يدفع الناس نحو البيع والخسارة، والطمع يدفع بالأفراد نحو الشراء عند أسعار مرتفعة وغير حقيقية؛ مما يترتب عليه خسائر أيضا عند البيع لتلك الأسهم.
- التوقعات السوقية: وهي تنتج عن توقعات المستثمرين ما بين مشترين وبائعين، ومن ثم يتولد داخل السوق ما يسميه المتخصصون في الاقتصاد "النموذج العنكبوتي"، الذي يعني أن المشترين يتوقعون بيع ما لديهم من أسهم في فترة زمنية معينة من السنة يعلمون بخبرتهم من سنوات سابقة بارتفاع السعر فيها لما سوف توزعه تلك الأسهم من كوبونات.
وبالمثل يتوقع بقية المستثمرين هذا فيبدءون بالبيع مبكرا، ومن ثم يترتب عليه انخفاض سعري، يعقبه خسائر لفئة كبيرة من المجتمع، وبالمثل السنة التي تلي تلك السنة يتوقع انخفاض تلك الأسهم، فيلجأ الناس لعدم اقتنائها فيتجه سعرها نحو الارتفاع، عند الإعلان بتوزيعات الأرباح والكوبونات لتلك الأسهم.
ويتخوف المستثمرون عادة من الاستثمار في بعض الأسواق، وخصوصا أسواق الأسهم؛ وذلك لوجود ما يسمى بمعامل خطر السوق، وهو يعني خطر خسارة جزء من الأموال المستثمرة في الأسهم كنتيجة لانخفاض قيم السوق.
إن التفكير بأن الاستثمارات تتحرك ارتفاعا وهبوطا، يترتب عليه تقلب أو تذبذب السوق، وبالرغم من أنه متوقع لدى المستثمرين؛ فإنه غير مستحب في سوق الأسهم.
- مخاطر السيولة: فقد يحتاج الأفراد إلى سيولة نقدية لتلبية بعض متطلباتهم، فيتطلب ذلك تسييل الاستثمارات، ويعني ذلك إنهاء الاستثمار أو جزء منه، وتوجيهه ليكون سيولة نقدية. وكثير من الأفراد لا ينتبه لهذا العامل المهم، وذلك عند اختيارهم لاستثمارات معينة تتطلب فترات زمنية تتراوح بين القصيرة وطويلة الأجل؛ حتى يمكن جني ثمار هذا الاستثمار.
إن ما نقصده هنا بمخاطر السيولة هو تضاؤل الربح أو انعدامه عند الرغبة في تسييل استثمارات فجأة؛ نظرا لظروف معينة. ومن ثم يجب أن يتوقع المستثمر احتياجاته المالية القادمة ويعمل على توفيرها؛ حتى لا يقدم على مخاطرة تصفية استثمار مربحة في محفظة الأسهم الرابحة مما يترتب عليه خسائر حقيقية. كما يجب التنويع في المحفظة إلى نوعيات من الأسهم ووثائق صناديق الاستثمار يمكن تسيلها بسهولة في السوق المحلية.
- مخاطر غير منتظمة: فعلى سبيل المثال عند الاستثمار في أسهم شركة ما فإن المخاطرة هنا أن يطرأ ضعف في الشركة وأرباحها؛ وهو ما يؤدي إلى هبوط أسهم هذه الشركة، ومن ثم خسارة الاستثمار، ويمكن التخلص أو التقليل من هذه المخاطرة بتنويع مكونات المحفظة المالية للمستثمر، وهنا ينطبق المثل المشهور لا تضع بيضك كله في سلة واحدة.
- مخاطر التضخم: وتعرف أيضا بمخاطرة قوة الشراء، ويعني ذلك أن التضخم يؤثر على العائد العام للأسهم، فإذا كان عائد الاستثمار أقل من معدل التضخم، فيعني ذلك أن مال المستثمر سيفقد قوة شرائية مع مرور الزمن.
وعلى هذا لا بد من التأكد من أن متوسط عائد الاستثمار ينبغي أن يكون أعلى من معدل التضخم على أسوأ الظروف.
- توقيت الاستثمار: فاحتمال ربح المستثمر في بداية صعود السوق أكبر من توقيت الاستثمار في وقت وصول السوق إلى القمة أو وقت الهبوط، وهذا ما يطلق عليه ركوب الموجة عند الاستثمار؛ فإذا وجدت موجة صعود، وركبها المستثمر -كما يقال باللغة الدارجة- كان المستثمر من الرابحين، أما إذا ركبها وهي عند عنفوانها وهبطت به كان من الخاسرين.
أخطاء للمستثمرين
وتزداد هذه المخاطر على المستثمر في البورصة مع كثرة أخطائه عند التعامل مع الأسواق المالية، والتي من أبرزها:
• عدم وضوح الهدف.. هل هو شراء أسهم من أجل الاستثمار المستقر أم من أجل مضاربات سريعة، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تهلهل المحفظة الاستثمارية.
• عدم الانتباه إلى الأخبار التي توجه السوق، أو معرفة أي من تلك الأخبار سوف تؤثر على قطاعات البورصة المختلفة؛ فهل ستؤثر على أسهم التكنولوجيا، أم على أسهم الإسمنت، أم قطاع الاتصالات، ومن ثم يترتب على ذلك قرارات استثمارية خاطئة؟.
• عدم الالتزام بنقاط وقف الخسارة، وجني الربح.
• الارتباط بسهم معين تم تحقيق مكاسب من خلاله، وتوقع تحقيق المزيد من خلاله، وقد يكون ذلك غير صحيح؛ فيجب ألا تقع في حب السهم.
• الإصرار على المضاربة بحجة تعويض الخسارة؛ الأمر الذي قد يترتب عليه خسائر جديدة، ومن ثم الإصرار من جديد على المضاربة؛ فهذه من الحالات النفسية التي تنتاب المضاربين في البورصة، والتي تكون ضارة؛ لأن القرار الاستثماري يتخذه الإنسان في أشد حالات الغضب.
• استشارة من ليس لهم خبرة؛ فعند وجود مستثمر كسب في البورصة بالمصادفة بناء على قرار عشوائي، يتبرع هذا المستثمر بإسداء النصيحة لمن يعرف ولمن لا يعرف، بناء على تجربة عشوائية له في جني بعض الأرباح، والتي جاءت عن طريق المصادفة؛ فإن الأخذ بنصيحة هذا الشخص يعد بمثابة إلقاء الأموال في البحر، وعلى هذا فإن أخذ التوصيات الجاهزة من قليلي الكفاءة أو عديمي الأمانة هو أمر شديد الضرر.
• العناد في أخذ القرار الصائب في التوقيتات المناسبة، والغرور الزائد، والثقة بالنفس في النتائج يعد أول الطريق إلى الخسارة.
• وضع الثقة كلها في سهم معين، والزج بكل الأموال المستثمرة في هذا السهم؛ فهذا يعد ذا خطر كبير للغاية، فإذا كانت درجة ثقتك في السهم ودرجة التأكد مائة في المائة يعد هذا خطرا كبيرا، قد تدفع ثمنه غاليًا من استثماراتك.
• الشراء والبيع شفاهة من غير أوامر مكتوبة لشراء أو بيع بعض الأسهم يؤدي إلى مخاطر جسيمة نتيجة عدم تنفيذ بعض تلك الأوامر؛ وهو ما يترتب عليه ضياع فرص استثمارية مربحة.
إن ما سبق يعتبر من أهم المخاطر التي لا بد للمستثمر أن يضعها في الاعتبار عند اتخاذ قرار استثماره، كما أن عليه أن يعي هذه الأخطاء، ويلجأ لخبراء يعون جيدا معنى المخاطرة وكيفية تجنيها؛ فمن لم يعيها فلا يبكِ إذن على اللبن المسكوب.
منقوووووووول