جعبة الأسهم
(مؤسس الحلال الطيب)
تاريخ التسجيل : 16/10/2007 رقم العضوية : 1 المساهمات : 5199 النشاط : الكنية : أبو عبدالرحمن حكمتي : من يجادل كثيرا يعمل قليلا
| موضوع: خطبة الأسبوع: أطعت مطامعي فاستعبدتني !!! 2008-08-23, 10:48 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيمأطعت مطامعي فاستعبدتني | الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ \" وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا . وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمرِهِ قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدرًا \"
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، ممَّا يَعقِدُ عَلَيهِ المُؤمِنُ قَلبَهُ وَيُؤمِنُ بِهِ إِيمانًا لا يُدَاخِلُهُ شَكٌّ وَلا يُخَالِطُهُ رَيبٌ ، مَسأَلَةُ الرِّزقِ قِلَّةً وَكَثرَةً وَسَعَةً وَضِيقًا ، حَيثُ لا يَتَرَدَّدُ أَحَدٌ امتَلأَ قَلبُهُ إِيمَانًا وَأُفعِمَ يَقِينًا أَنَّ اللهَ قَد كَتَبَ لَهُ رِزقَهُ وَهُوَ في بَطنِ أُمِّهِ ، وَمِن ثَمَّةَ فَلا يَزِيدُ في رِزقِهِ جُهدٌ يَبذُلُهُ وَلا عَنَاءٌ يَتَحَمَّلُهُ ، وَلا يَنقُصُه تَأَنٍّ في البَحثِ عَنهُ أَو تَقَاعُسٌ في سَبِيلِهِ . في الصَّحِيحِ عَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ : أَنَّهُ يُجمَعُ خَلقُ أَحَدِكُم في بَطنِ أُمِّهِ أَربَعِينَ يَومًا ، ثم يَكُونُ عَلَقَةً مِثلَ ذَلِكَ ، ثم يَكُونُ مُضغَةً مِثلَ ذَلِكَ ، ثم يَبعَثُ اللهُ إِلَيهِ المَلَكَ فَيُؤمَرُ بِأَربَعِ كَلِمَاتٍ فَيَقُولُ : اكتُبْ عَمَلَهُ وَأَجَلَهُ وَرِزقَهُ وَشَقِيٌّ أَم سَعِيدٌ \" وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : \" يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللهَ وَأَجمِلُوا في الطَّلَبِ ؛ فَإِنَّ نَفسًا لَن تَمُوتَ حَتى تَستَوفِيَ رِزقَهَا وَإِن أَبطَأَ عَنهَا ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَجمِلُوا في الطَّلَبِ ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ \" وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : \" أَجمِلُوا في طَلَبِ الدُّنيَا ؛ فَإِنَّ كُلاًّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ \" وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : \" إِنَّ الرِّزقَ لَيَطلُبُ العَبدَ كَمَا يَطلُبُهُ أَجَلُهُ \" وَعَنِ ابنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ أَنَّ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ رَأَى تَمرَةً عَائِرَةً فَأَخَذَهَا فَنَاوَلَهَا سَائِلاً فَقَالَ : \" أَمَا إِنَّكَ لَو لم تَأتِهَا لأَتَتكَ \" هَكَذَا ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ قَدَّرَ المَولى ـ جَلَّ وَعَلا ـ لِكُلِّ عَبدٍ رِزقَهُ ، وَقَضَى لَكُلِّ نَفسٍ مِنهُ قَدرًا لا يَزِيدُ وَلا يَنقُصُ ، إِلاَّ أَنَّ رَكُونَ النَّاسِ في هَذِهِ الأَزمِنَةِ المُتَأَخِّرَةِ إِلى الدُّنيَا وَتَعَلُّقَهُم بها ، وَرِضَاهُم بها وَاطمِئنَانَهُم إِلَيهَا ، وَغَفلَتَهُم عَنِ الآخِرَةِ وَابتِعَادَهُم عَن دِينِ اللهِ وَضَعفَ الوَازِعِ في قُلُوبِهِم ، أَخرَجَهُم عَنِ المَسَارِ الشَّرعِيِّ الطَّبِيعِيِّ الَّذِي كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيهِم أَن يَسلُكُوهُ في طَلَبِ المَعِيشَةِ وَالبَحثِ عَنِ الرِّزقِ ، وَجَعَلَ مِنهُم عَبِيدًا لِلدُّنيَا مَنهُومِينَ ، لا بِكَثِيرٍ يَشبَعُونَ وَلا بِقَلِيلٍ يَقنَعُونَ ، وَلا يَكفِيهِم حَلالٌ عَن حَرَامٍ ، وَلا يُغنِيهِم طَيِّبٌ عَن خَبِيثٍ ، وَلا يَتَوَقَّفُونَ عِندَ مَا صَفَا حَتى يَخُوضُوا فِيمَا كَدُرَ ، ممَّا شَغَلَهُم عَمَّا خُلِقُوا لَهُ مِن عِبَادَةِ رَبِّهِم ، وَأَلحَقَ بِهِم ضَرَرًا في دُنيَاهُم قَبلَ أُخرَاهُم ، بَل أَلهَاهُم عَن أَنفُسِهِم وَعَمَّن يَعُولُونَ ، وَأَكسَبَهُم شَقَاءً في حَيَاتِهِم وَتَعَاسَةً في عَيشِهِم ، وَأَحَلَّ بِهِمُ الخَيبَةَ وَالخَسَارَةَ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِصدَاقًا لِمَا جَاءَ في الأَحَادِيثِ المُتَكَاثِرَةِ ، وَالَّتي جَلَّى فِيهَا الحَبِيبُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَثَرَ التَّكَالُبِ عَلَى الدُّنيَا وَالنَّهَمِ في طَلَبِهَا وَالمُبَالَغَةِ في حُبِّهَا وَالحِرصِ عَلَيهَا في قَلبِ حَيَاةِ المَرءِ رَأسًا عَلَى عَقِبٍ ، وَمُجَازَاتِهِ بِنَقِيضِ قَصدِهِ وَمَا يَسعَى إِلَيهِ وَيَطلُبُهُ ، وَالزَّجِّ بِهِ إِلى مَا لا يُحِبُّهُ وَلا يَرغَبُهُ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : \" مَن كَانَتِ الدُّنيَا هَمَّهُ ، فَرَّقَ اللهُ عَلَيهِ أَمرَهُ ، وَجَعَلَ فَقرَهُ بَينَ عَينَيهِ ، وَلم يَأتِهِ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ ، وَمَن كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ ، جَمَعَ اللهُ لَهُ أَمرَهُ ، وَجَعَلَ غِنَاهُ في قَلبِهِ ، وَأَتَتهُ الدُّنيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ \" وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : \" مَن جَعَلَ الهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ المَعَادِ ، كَفَاهُ اللهُ هَمَّ دُنيَاهُ ، وَمَن تَشَعَّبَت بِهِ الهُمُومُ في أَحوَالِ الدُّنيَا ، لم يُبَالِ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ في أَيِّ أَودِيَتِهِ هَلَكَ \" وَعَن مَعقِلِ بنِ يَسَارٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ رَبُّكُم : \" يَا بنَ آدَمَ ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَملأْ قَلبَكَ غِنًى وَأَملأْ يَدَكَ رِزقًا ، يَا بنَ آدَمَ ، لا تُبَاعِدْ مِنِّي أَملأْ قَلبَكَ فَقرًا وَأَملأْ يَدَكَ شُغلاً \" وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : \" تَعِسَ عَبدُ الدِّينَارِ وَعَبدُالدِّرهَمِ وَعَبدُالخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لم يُعطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلا انتَقَشَ \" وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : \" مَن أَحَبَّ دُنيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ ، وَمَن أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنيَاهُ ، فَآثِرُوا مَا يَبقَى عَلَى ما يَفنى \" وَعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعِدِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلتُهُ أَحَبَّنيَ اللهُ وَأَحَبَّنيَ النَّاسُ . فَقَالَ : \" اِزهَدْ في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وَازهَدْ فِيمَا في أَيدِي النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ \" وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : \" مَا الفَقرَ أَخشَى عَلَيكُم ، وَلَكِنْ أَخشَى أَن تُبسَطَ الدُّنيَا عَلَيكُم كَمَا بُسِطَت عَلَى مَن كَانَ قَبلَكُم فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، فَتُهلِكَكُم كَمَا أَهلَكَتهُم \" وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : \" مَا ذِئبَانِ جَائِعَانِ أُرسِلا في غَنَمٍ بِأَفسَدَ لها مِن حِرصِ المَرءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ \" أَلا فَمَاذَا يَقُولُ مَن رَزَقَهُ اللهُ البَصَرَ وَالبَصِيرَةَ وَهُوَ يَسمَعُ هَذِهِ الأَحَادِيثَ ؟ مَاذَا يَقُولُ وَهُوَ يَنظُرُ بِتَأَمُّلٍ وَإِنصَافٍ في وَاقِعِنَا اليَومَ ؟ إِنَّهُ لَن يَجِدَ وَاقِعًا يُمَثِّلُ مَا فِيهَا مِن نَتَائِجِ حُبِّ الدُّنيَا مِثلَ وَاقِعِنَا ! وَلَن يَحتَاجَ إِلى أَن يُقنِعَ النَّاسَ بِصِدقِ ذَلِكَ أَو يَستَمِيلَ قُلُوبَهُم إِلَيهِ ، فَهُم يَرَونَ بَأُمِّ أَعيُنِهِم وَيُعَايِشُونَ ، بَل وَيُقَاسُونَ وَيَتَجَرَّعُونَ مَرَارَةَ مَا جَنَوهُ مِنَ الحِرصِ الشَّدِيدِ عَلَى الدُّنيَا وَعِبَادَةِ مَلَذَّاتِهَا وَاللَّهَثِ خَلفَ شَهَوَاتِهَا ، مِن قَطِيعَةٍ لِلأَرحَامِ وَهَجرٍ لِلإِخوَانِ ، وَمُصَارَمَةٍ لِلأَقَارِبِ وَإِسَاءَةٍ لِلجِيرَانِ ، وَمُرَافَعَاتٍ وَشَكَاوَى وَادِّعَاءَاتٍ ، وَخُصُومَاتٍ وَدَعَاوَى وَخِلافَاتٍ ، وَأَمرَاضٍ قَلبِيَّةٍ وَعِلَلٍ عَصَبِيَّةٍ ، وَأَدوَاءٍ جَسَدِيَّةٍ وَآلامٍ نَفسِيَّةٍ ، وَهَمٍّ وَغَمٍّ وَقَلَقٍ وَسَهَرٍ ، وَأَمَّا قَضِيَّةُ القَضَايَا وَبَلِيَّةُ البَلايَا وَأُمُّ الرَّزَايَا ، أَمَّا الخُذلانُ الَّذِي مَا بَعدَهُ مِن خُذلانٍ ، فَهُوَ مَا ابتُلِيَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَّا لِطَمَعِهِم وَطُعِنُوا بِهِ لِجَشَعِهِم ، حَيثُ وُكِلُوا إِلى اجتِهَادِ نُفُوسِهِم وَضَعفِ عُقُولِهِم ، وَرُفِعَ عَنهُمُ التَّوفِيقُ وَلم يُرزَقُوا التَّسدِيدَ ، فَقيِّضَت لهم شَيَاطِينُ إِنسٍ وَجِنٍّ ، وَسُلِّطَت عَلَيهِم ذِئَابٌ ضَارِيَةٌ بَل كِلابٌ عَاوِيَةٌ ، أَحسَنَت فُنُونَ التَّلاعُبِ وَالمُرَاوَغَةَ ، وََأتقَنَت طُرُقَ المَكرِ وَالخِدَاعِ ، فَأَوهَمُوا أُولَئِكَ المنهُومِينَ بِالدُّخُولِ إِلى الغِنى مِن أَوسَعِ أَبوَابِهِ ، وَأَغرَوهُم بِتَحصِيلِ الثِّرَاءِ مِن أَقصَرِ طُرُقِهِ ، وَأَجلَبُوا عَلَيهِم بِالمُسَاهَمَاتِ وَأَغرَقُوهُم بِالمُضَارَبَاتِ ، حَتى إِذَا جَمَعُوا أَموَالَهُم وَأَحكَمُوا عَلَيهَا القَبضَةَ ، سَرَّحُوهُم فَارِغَةً أَيدِيهِم ممَّا جَمَعُوا ، خَاوِيَةً جُيُوبُهُم ممَّا حَاشُوا ، مُلتَهِبَةً قُلُوبُهُم بِنِيرَانِ الدُّيُونِ المُتَضَاعِفَةِ وَالقُرُوضِ المُتَرَاكِمَةِ ، فَإِذَا بِهِم وَقَد كَانُوا ذَوِي كَفَافٍ مَستُورِينَ مَسرُورِينَ مُعَافَينَ ، فَأَصبَحُوا فُقَرَاءَ مُملِقِينَ مُعسِرِينَ مُنكَسِرِينَ مُبتَلَينَ ، تَمُرُّ بِأَحَدِهِمُ الشُّهُورُ وَالسَّنَوَاتُ عَلَى أَحَرَّ مِنَ الجَمرِ ، مُتَجَرِّعًا غُصَصَ مَا تَحَمَّلَهُ في ذِمَّتِهِ ، فَيَا للهِ ممَّن أَطَاعَ مَطَامِعَهُ فَأَردَتهُ وَاستَعبَدَتهُ !
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّنَا لَفِي زَمَنٍ قَد أَخبَرَ عَنهُ الصَّادِقُ المَصدُوقُ حَيثُ قَالَ : \" يَأتي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يُبَالي المَرءُ مَا أَخَذَ مِنهُ أَمِنَ الحَلالِ أَم مِنَ الحَرَامِ \" وَقَدِ ابتُلِيتُم في سِنِيِّكُمُ المُتَأَخِّرَةِ لا بِأَفرَادٍ مَحدُودِينَ وَأَشخَاصٍ مَعدُودِينَ ، وَلَكِنْ بِمَصَارِفَ وَشَرِكَاتٍ وَمَجمُوعَاتٍ وَمُؤَسَّسَاتٍ ، أَخَذُوا بِأَخلاقِ اليَهُودِ في حُبِّ المُالِ وَالاستِمَاتَةِ في جَمعِهِ ، فَلَم يُبَالُوا بما سَلَكُوا مِن طَرِيقٍ في سَبِيلِ اللَّعِبِ عَلَى النَّاسِ وَجَمعِ أَموَالِهِم بِالغِشِّ وَالخِدَاعِ ، وَحِيَازَتِهَا لِحِسَابَاتِهِمُ الخَاصَّةِ دُونَ خَوفٍ مِنَ اللهِ أَو حَيَاءٍ ، وَاضِعِينَ بَينَهُم وَبَينَ قُوَّةِ النِّظَامِ وَرَدعِ السُّلطَانِ مَوَاثِيقَ مَكذُوبَةً وَفَتَاوَى مُلَفَّقَةً ، يُذَيِّلُونَهَا بِأَسمَاءِ بَعضِ العُلَمَاءِ وَالمَشَايِخِ ، ممَّن يُؤخَذُونَ عَلَى غِرَّةٍ وَيُؤتَونَ مِن حُسنِ نِيَّةٍ ، فَتُصَوَّرُ لهم بَعضُ المُعَامَلاتِ وَيُستَفتَونَ عَنهَا ، فَإِذَا مَا حَصَّلَ أُولَئِكَ المُخَادِعُونَ تَوقِيعَاتِ العُلَمَاءِ ، أَبرَزُوهَا عَلَى أَبَوَابِ مَصَارِفِهِم وَفي إِعلانَاتِهِم ، وَجَعَلُوهَا وَرَقَةً رَابِحَةً يَكسِبُونَ بها ثِقَةَ المُغَفَّلِينَ في الظَّاهِرِ ، ثم لم يَتَوَرَّعُوا بَعدَ ذَلِكَ وفي خَفَاءٍ عَنِ التَّعَامُلِ بِأَيِّ مُعَامَلَةٍ تُكسِبُهُم المَالَ ، مُستَغِلِّينَ نَهَمَ النَّاسِ وَحِرصَهُم ، وَغَفلَتَهُم في الوَقتِ نَفسِهِ وَسَذَاجَةِ عُقُولِهِم ، أَفَلَم يَأنِ لَنَا أَن نَتَنَبَّهَ مِن غَفَلاتِنَا وَنُفِيقَ مِن رَقَدَاتِنَا ؟ أَوَلا يَكفِينَا انسِيَاقًا وَرَاءَ دِعَايَاتِ هَؤُلاءِ المُضَلِّلِينَ وَانقِيَادًا وَرَاءَ وُعُودِهِمُ الكَاذِبَةِ وَخِدَعِهِم ؟! أَلَيسَ أَكثَرُنَا قَدِ اكتَوَى بِنِيرَانِ وُعُودِهِمُ ؟! إِنَّ أَمرَ هَؤُلاءِ المُتَلاعِبِينَ بِأَموَالِ العَامَّةِ لم يَعُدْ سِرٍّا فَيُخفَى أَو مَكنُونًا فَيُطوَى ، بَل لَقَد غَدَا أَوضَحَ مِنَ الشَّمسِ في رَابِعَةِ النَّهَارِ ، وَتَحَدَّثَ بِتَلاعُبِهِمُ القَاصِي وَالدَّاني ، وَلم يَبقَ بَيتٌ لم تَدخُلْهُ فِتنَتُهُم وَيَنَلْهُ شَرُّهُم ، وَإِلاَّ فَأَخبِرُوني بِرَبِّكُم مَن هَذَا الَّذِي دَخَلَ في مُسَاهَمَةٍ فَرَبِحَ أَو كَسِبَ ؟ وَكَم عَدَدُ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَالُوا الثَّرَاءَ المَزعُومَ مِنَ المُضَارَبَاتِ ؟ إِنْ يَكُونُوا فَهُم قِلَّةٌ يُعَدُّونَ عَلَى رُؤُوسِ الأَصَابِعِ ، لَكِنَّهُم لَيسُوا بِشَيءٍ مُقَابِلَ مَلايِينِ النَّاسِ الَّذِينَ خَسِرُوا في هَذِهِ المُسَاهَمَاتِ وَأَذَابَت أَموَالَهُم تِلكَ المُضَارَبَاتُ ، فَإِلى مَتى يُعمِي المَرءَ حُبُّهُ الدُّنيَا فَيَخسَرَ دُنيَاهُ وَدِينَهُ ؟ إِلى مَتى يَقَعُ العَاقِلُ في شَرَكِ هَؤُلاءِ السُّرَّاقِ ؟ إِنَّ المُؤمِنَ كَيِّسٌ فَطِنٌ ، لا يُلدَغُ مِن جُحرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَينِ ، فَانتَبِهُوا وَاحذَرُوا ، وَعُودُوا إِلى رُشدِكُم وَاستَلهِمُوا صَوَابَكُم ، وَلا تَكُونُوا كَمَثَلِ أُولَئِكَ المُغَفَّلِينَ الَّذِينَ مَا إِن يَسمَعُوا خَبَرَ مُسَاهَمَةٍ حَتى تَغُصَّ بِهِم أَبوَابُ المَصَارِفِ وَتَمتَلِئَ بِهِمُ الصَّالاتُ ، نَاسِينَ أَنَّ هَذَا هُوَ الجُحرُ نَفسُهُ الَّذِي لُدِغُوا مِنهُ مِن قَبلُ مَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ ، فَإِلى مَتى العَيشُ في خَيَالاتِ الغِنى المَوهُومِ وَأَحلامِ الثَّرَاءِ المَزعُومِ ؟ إِلى مَتى الوُقُوعُ في شِرَاكِ المُتَلاعِبِينَ وَالمُخَادِعِينَ ؟ كَفَانَا تَخَوُّضًا في الحَرَامِ وَأَكلاً لِلرِّبَا وَتَساهُلاً بِالمُشتَبهَاتِ ، فَإِنَّا بِذَلِكَ لا دِينًا حَفِظنَا وَلا مَالاً كَسِبنَا ، قَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ : \" إِنَّ رِجالاً يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ \" أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : \" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقنَاكُم وَاشكُرُوا للهِ إِن كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ\".
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية :
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّهُ لا يُحِلُّ حَرَامًا وَلا يُطَيِّبُ خَبِيثًا ، وَلا يُعفِي المَرءَ مِن الذَّنبِ أَن يُقدِمَ عَلَى مُعَامَلَةٍ وَهُوَ يَعلَمُ في نَفسِ الأَمرِ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَلَو أَفتَاهُ مَن أَفتَاهُ عَن جَهلٍ أَو غَفلَةٍ ، فَقَد قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : \" دِرهَمُ رِبًا يَأكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعلَمُ أَشَدُّ مِن سِتٍّ وَثَلاثِينَ زَنيَةً \" وَإِنَّهُ يَلزَمُ المَرءَ المُرِيدَ لِنَفسِهِ النَّجَاةَ ، خَاصَّةً مَعَ هَذَا التَّلاعُبِ وَالتَّحَايُلِ وَالمُرَاوِغَةِ ، أَن يَتَأَكَّدَ مِن حِلِّ أَيَّةِ مُعَامَلَةٍ يُرِيدُ أَن يَتَعَامَلَ بها ، فَإِنْ تَأَكَّدَ مِن حِلِّهَا أَقدَمَ عَلَيهَا ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ حُرمَتُهَا وَجَبَ عَلَيهِ الانكِفَافُ عَنهَا ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا شَاكًّا وَالأَمرُ عَلَيهِ مُشتَبِهًا ، فَمَا أَجدَرَهُ أَن يَتَجَنَّبَهَا حِفَاظًا عَلَى دِينِهِ وَعِرضِهِ ، وَحِمَايَةً لِنَفسِهِ مِنَ الوُقُوعِ في الحَرَامِ وَهُوَ لا يَدرِي ! قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : \" الحَلالُ بَيِّنٌ وَالحَرَامُ بَيِّنٌ ، وَبَينَهُمَا مُشتَبِهَاتٌ لا يَعلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَابِ استَبرَأَ لِدِينِهِ وَعِرضِهِ ، وَمَن وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الحَرَامِ ، كَالرَّاعِي يَرعَى حَولَ الحِمَى يُوشِكُ أَن يَرتَعَ فِيهِ ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، أَلا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ ، أَلا وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَةً إِذَا صَلَحَت صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَت فَسَد الجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ القَلبُ \" إِنَّ الدُّنيَا قَصِيرَةٌ وَلَذَّاتِهَا إِلى فَنَاءٍ ، وَالمَوتُ يَطلُبُ العَبدَ صُبحَ مَسَاءَ ، وَمَن تَابَ إِلى اللهِ تَابَ رَبُّهُ عَلَيهِ ، وَمَن رَجَعَ إِلَيهِ وَعَادَ قَبِلَهُ مَولاهُ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : \" لَو َكَانَ لابنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِن مَالٍ لابتَغَى ثَالِثًا وَلا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن تَابَ \" فَاحذَرُوا الحَرَامَ وَاتَّقُوا الشُّبُهَاتِ ، وَلا تَكُونُوا لُقمَةً سَائِغَةً لأُولَئِكَ المُتَلاعِبِينَ بِالأَموَالِ الآكِلِينَ لها بَأَدنى الحِيَلِ \" إِنَّمَا أَموَالُكُم وَأَولادُكُم فِتنَةٌ وَاللهُ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ . فَاتَّقُوا اللهَ مَا استَطَعتُم وَاسمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيرًا لأَنفُسِكُم وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ \"
| منقوووووول "شبكة نور الاسلام"
عدل سابقا من قبل جعبة الأسهم في 2009-09-10, 6:51 am عدل 3 مرات (السبب : تثبيت الموضوع) | |
|
البيرق الاخضر مـشـرف
تاريخ التسجيل : 23/04/2008 المساهمات : 624 النشاط : الكنية : أبو لؤي حكمتي : من ايقونة الملف بالاسفل ضع حكمة أو مثل يعجبك
| موضوع: رد: خطبة الأسبوع: أطعت مطامعي فاستعبدتني !!! 2008-08-23, 11:36 am | |
| جزاك الله كل خير وبارك فيك وفيما أعطاك وأحسن إليك كما أحسنت إلينا بموضوعك هذا والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين | |
|
mwadaa مـشـرف & ضيف شرف
تاريخ التسجيل : 29/11/2007 رقم العضوية : 38 المساهمات : 2273 النشاط : الكنية : بلا حكمتي : من ايقونة الملف بالاسفل ضع حكمة أو مثل يعجبك
| موضوع: رد: خطبة الأسبوع: أطعت مطامعي فاستعبدتني !!! 2008-08-23, 7:51 pm | |
| | |
|