بسم الله الرحمن الرحيم
اقتصادي إسلامي: سوء فهم أحكام الشريعة حرم المسلمين تحرير اقتصادهم
- "الاقتصادية" من الرياض - 28/02/1428هـ
أكد اقتصادي إسلامي أن المستثمرين المسلمين يحرمون عوائد مجزية بسبب سوء فهم وتفسير بعض الأحاديث التي يتم تأويلها بناء على اجتهادات شخصية لا تتفق مع واقع العصر ومستجدات الاقتصاد. وقال الاقتصادي رشدي صديقي، إن فهم التمويل الإسلامي يبدأ من حقيقة أنه ليس شرطاً للاستثمار في الشركات التي يديرها مسلمون، ولا ينبغي أن توجد مراكزها الرئيسية في أحد البلدان الإسلامية البالغ عددها 56 بلداً. وتابع صديقي في تحليل موسع تنشره "الاقتصادية" اليوم: إنه بعيداً عن ناحية العقيدة، يتشابه المسلمون مع جيرانهم المسيحيين واليهود والعلمانيين في الحاجة إلى بناء الصناديق الجامعية، وشراء البيوت، والحصول على القروض والادخار من أجل التقاعد. ورغم ذلك، فإن السوق الإسلامية تفتقد مثل هذه الخدمات الآنفة الذكر نظرا لأنها تعيش في سوق يتفشى فيها سوء الفهم لأحكام الشريعة الإسلامية.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
هناك قيود مفروضة على مؤشرات البورصات الإسلامية مما قد يؤدي إلى إعاقة أدائها. ولا يعتبر "الطهر الأخلاقي" عبئاً على هذه المؤشرات التي فاق أداء بعضها الدول المتقدمة.
يعتبر السلوك الأخلاقي عنصراً أساسياً من عناصر التمويل الإسلامي بالنسبة لمسلمي العالم البالغ عددهم 1.2 مليار شخص. وبممتلكات تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار ومعدل نمو سنوي قدره 25 في المائة، يتحول قطاع التمويل الإسلامي بسرعة إلى قوة في الأسواق العالمية.
ففي الولايات المتحدة وحدها، يعيش ما لا يقل عن ستة ملايين مسلم، وهذه الجالية تنمو بمعدل 2.5 في المائة سنوياً، ويقدر متوسط دخل الفرد فيها بين 50 و70 ألف دولار. يضاف إلى ذلك استثمارات السعودية في الولايات المتحدة وقدرها 860 مليار دولار (منها 200 مليار دولار في صناديق مدارة)، ولم يعد التمويل الإسلامي بمثابة القطاع الصغير، بل إنه سوق ساحة خلفية بحجم روسيا.
وبعيداً عن ناحية العقيدة، يتشابه المسلمون مع جيرانهم المسيحيين واليهود والعلمانيين في الحاجة إلى بناء الصناديق الجامعية، وشراء البيوت، والحصول على القروض والادخار من أجل التقاعد. ورغم ذلك، فإن السوق الإسلامية تفتقد مثل هذه الخدمات الآنفة الذكر نظرا لأنها تعيش في سوق يتفشى فيها سوء الفهم لأحكام الشريعة الإسلامية. إن التعليم والاستعداد لاستكشاف هذا الموضوع سيمكن المؤسسات المالية - ليس من تنمية حصتها في السوق والبرهنة على الريادة فحسب - بل أيضاً من مساعدة الجاليات الإسلامية على تحقيق أحلامها في التحرر الاقتصادي.
إن فهم التمويل الإسلامي يبدأ من حقيقة أنه ليس شرطاً للاستثمار في الشركات التي يديرها مسلمون، ولا ينبغي أن توجد مراكزها الرئيسية في أحد البلدان الإسلامية البالغ عددها 56 بلداً. وفي الحقيقة، فإن الاستثمار في شركات متنوعة كشركة كوكا كولا وشركة تارو للصناعات الدوائية يعتبر حلالاً أو مقبولاً للمسلمين.
إن موازنة معادلة التمويل الإسلامي هي جانب آخر من جوانب السنة النبوية: القوانين التي تحكم العدالة الاجتماعية لا يقصد منها منع المشاريع الحرة. وهكذا، سعى علماء الدين الإسلامي طيلة الـ 40 سنة الماضية إلى تطبيق المبادئ القديمة على القضايا المعاصرة، فأوجدوا مجموعة كبيرة من الأدوات الجديدة التي تمكن المستثمرين من المشاركة في أسواق المال. فالمرابحة، على سبيل المثال، أسلوب يحل عقدة التضارب بين الرغبة في بيع رهن وعدم القدرة على أخذ فائدة. فبدلاً من الحصول على قرض من البنك لشراء منزل، يقوم المشتري بتحديد العقار الذي يريده فيشتريه له البنك. والإسلام يعترف بأن من حق البنوك أن تربح، لذلك فإنها تحصِّل أتعاباً من أصحاب البيوت أو تؤجرها لهم لفترة زمنية. فيكون الربح بقدر معدلات الفائدة، وهذا أسلوب مقبول لقياس كلفة رأس المال.
ويجب أن تحصل المؤشرات على فتوى، وهذا ليس بالتحدي السهل حينما لا يتعلق السؤال بأي سهم نشتري، بل بأي سهم لا يجوز لنا شراؤه. وعلى عكس الاعتقاد الشائع، فإن العالم المتقيد بأحكام الشريعة الإسلامية رحب وواسع. وفي الحقيقة، فإن 1800 شركة من الشركات المدرجة في مؤشر داو جونز العالمي وعددها 5500 شركة تتقيد بهذه الأحكام. لقد تأسست مؤشرات عائلة سوق داو جونز الإسلامية في عام 1999، وهو أول مؤشر من نوعه، وهو يضم 80 مؤشراً فرعياً فردياً تبلغ قيمتها تسعة تريليونات دولار. وهذا المؤشر يتقيد تماماً بفتوى حصلت عليها المؤشرات المنضوية تحته من لجنة مكونة من ستة علماء مسلمين تجسد مداولاتهم النقاشات الدائرة حالياً حول التمويل الإسلامي.
إن استبعاد منتجي لحم الخنزير والمشروبات الكحولية شيء، ولكن إلغاء الإيرادات غير الجائزة ودخل الفائدة غير العامل من السوق شيء آخر. فالبنوك التي تجني جل أرباحها من دخل الفائدة يمكن استبعادها بسهولة. ولكن كل شركة في العالم تقريباً تتلقى بعض الدخل على الأقل من المقتنيات النقدية. وجاء جواب علماء الدين من إدراك الرسول، صلى الله عليه وسلم أن كثيراً من الناس في العالم ليسوا مسلمين. وأكثر من ذلك، فإنه يمكن قبول المخالفات البسيطة ما دامت تتخذ الإجراءات لتصحيحها. وفي حالة عائلة مؤشرات سوق داو جونز الإسلامية، فإن الشركات التي تجني أقل من 5 في المائة من دخلها من مصادر غير جائزة يمكن شمولها بذلك. وتقوم الصناديق التي تستخدم سوق داو جونز الإسلامية بحساب الجزء غير الجائز وتتبرع به لجهات خيرية معتمدة. إن عائلة مؤشر سوق داو جونز الإسلامية, التي تباع في سائر أنحاء العالم لبنوك مثل HSBC وميريل لينش, تلقى قبولاً واسعاً في عالم إدارة موجودات الأسهم الإسلامية ولديها أكثر من أربعة مليارات دولار في صناديق مجازة.
ويعتبر الأداء إحدى نواحي الجذب الخاص لسوق داو جونز الإسلامية التي تفوقت على الكثير من المؤشرات العالمية الرائدة. وتعمل العائلة أيضاً نقطة بداية بالنسبة للمؤسسات التي تتطلع إلى بناء اكتتاباتها الإسلامية الأولية الخاصة بها، أو شاشة ثانوية لضمان نقاوة منتجاتها.
وكصناعة في مستهل إشراقها، سوف يستمر التمويل الإسلامي في النمو في الاتجاه السائد طيلة هذا العقد.
* حق النشر حصري لجريدة "الاقتصادية" بناء على اتفاق بين "الاقتصادية" و"إسلاميك بانكنج آند فينانس" المجلة البريطانية المتخصصة في المصرفية الإسلامية.
منقوووووول من الاقتصادية