المملكة مرشحة لتحقيق فائض في ميزانيتها يتجاوز 260 مليار ريال هذا العام
جريدة المدينة 06/05/2008
كشفت تقرير اقتصادي في قطاع النفط أنه ليس هناك أسباب جوهرية حقيقية يمكن أن تسهم في تراجع أسعار الذهب الأسود خلال الفترة المقبلة من هذا العام، بل المؤكد -وتشير إليه مجموعة من العوامل- أن الأسعار آخذة في الارتفاع بشكل يؤثر بشكل إيجابي على اقتصاديات المملكة، ويرمي تقرير اقتصادي صدر مؤخرا ودعمه توقعات صندوق النقد الدولي بشأن تأثير أسعار النفط تأثيرا إيجابيا على الاقتصاد السعودي إذ يتوقع أن يسجل فائض الحساب الجاري هذا العام أعلى مستوى له على الإطلاق وأن يرتفع كذلك معدل النمو الاقتصادي وفائض الميزانية ليصل إلى 260 مليار ريال أي ما يعادل 69 مليار دولار، خلال هذا العام، ليكون ثاني أكبر فائض ميزانية على الإطلاق. وعلى الرغم من أن هناك توقعات تشير إلى احتمالية انخفاض أسعار النفط خلال العامين 2009 و2010 إلا أن الوضع الاقتصادي الأساسي سيظل سليما ويتوقع أن يكون النمو الاقتصادي أقوى.
ويرجح مراقبون على دراية بالسوق السعودية أن الفائض المتوقع في الميزانية سيحدث قفزة كبيرة في حجم الأصول الخاجية، وستكون نتيجة هذا الفائض في الحساب الجاري حدوث قفزة كبرى في حجم الأصول الخارجية إذ ارتفعت موجودات مؤسسة النقد من الأصول الخارجية بأكثر من 10 مليارات دولار في الشهر الواحد لفترة الستة أشهر حتى فبراير الماضي ويتوقع أن يتجاوز إجمالي الأصول الخارجية «لدى مؤسسة النقد وصناديق معاشات التقاعد الحكومية» مبلغ 475 مليار دولار بنهاية هذا العام مقارنة بمبلغ 73 مليار دولار فقط في نهاية عام 2002. وتعمل المملكة ومنذ حدوث طفرة الأسعار النفطية وما رافقها من زيادة في ارتفاع اسعار السلع التمونية، على التخفيف عن المواطنين من خلال بعض الإجراءات التشجيعية للتخفيف عن كاهل المواطنين محدودي الدخل، وفي هذا الإطار أعلنت الحكومة في نهاية مارس أنها ستموّل عملية خفض الرسوم الجمركية التي يدفعها الموردون مقابل 180 سلعة تشمل الأغذية ومواد البناء وغيرها من السلع الاستهلاكية وهو تمويل يأتي في أعقاب حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في يناير الماضي لتخفيف آثار التضخم التي من ضمنها قرار زيادة أجور موظفي الدولة بنسبة 5%، ومن المتوقع وحسب ما يتخذ من إجراءات أن تصب في مصلحة المواطن مع احتمال اتخاذ المزيد من الإجراءات المشابهة خلال ما تبقى من السنة. فعلى الرغم من أن تكاليف العدد الكبير من المشاريع الرأسمالية التي تقوم الحكومة بتنفيذها تزداد بسرعة، إلا أن أسعار النفط المرتفعة ستشجع الحكومة على المضي قدما في خططها الإنفاقية، وبناءً على افتراضيات حول مستوى الإنفاق فإن الميزانية السعودية لن تعاني من حالة عجز إلا إذا انخفض متوسط سعر الخام السعودي لهذا العام إلى ما دون مستوى 53 دولارا للبرميل. وعلى الرغم من أن التضخم الذي تشهده بعض القطاعات في السوق السعودية وخاصة في مجال العقار فإن التوقعات تشير إلى أنه لن يكون لهذا التضخم تأثير سلبي كبير على الأداء الاقتصادي إذ إن النشاط أو الديناميكية في القطاع غير النفطي هي المسؤولة عن كثير من ارتفاعات الأسعار. ويظل التوقع بشأن نمو الناتج الإجمالي الفعلي كما هو دون تغيير عند مستوى 5.5% نتيجة للنمو القوي في قطاعات الصناعة والبناء والتشييد والنقل والاتصالات. ولا أحد ينكر أن الزيادة العالمية في الأسعار ألقت بظلالها على الاقتصاد السعودي، وحمل بعض المصرفيين ارتباط الريال بالدولار مسؤولية التضخم، مشيرين إلى أن فك وانفصال وتقييم الريال عوامل تسهم بشكل مباشر في تخفيض الأسعار والتضخم حوالى 30% إذ تأثر جميع المواطنين بانخفاض قيمة الريال لأن معظم السلع الاستهلاكية المحلية مستوردة وقد انخفض الريال منذ نهاية عام 2005 بنسبة 35% مقابل اليورو و15% مقابل الإسترليني والين. وفي الحقيقة لا يقوم تجار الجملة وتجار التجزئة المحليين بتمرير جميع تلك التكاليف إلى المستهلك، ولكن تكمن المشكلة في عدم توفر حماية ضد تأثير سعر الصرف.
وقفزت الأسعار العالمية لبعض المواد الغذائية الشهر الماضي وكان الارتفاع الأبرز هو زيادة أسعار الأرز بنسبة تقارب 70% منذ يناير نتيجة لانخفاض حجم الصادر من هذه السلعة من الدول المنتجة الرئيسية مثل الهند والصين وفيتنام ومصر استجابة للطلب القوي وكذلك بسبب تضاؤل المخزونات العالمية «حجم المخزون من الأرز حاليا يساوي نصف حجمه في عام 2000»، وكان ارتفاع أسعار المواد الغذائية أحد العوامل الرئيسية للتضخم في المملكة ويشير الارتفاع الحالي للأسعار مقرونا بالارتفاعات المستمرة في الإيجارات وارتفاع الأسعار بصفة عامة إلى أن احتمال بلوغ التضخم نسبة 10% خلال الشهور القليلة المقبلة هو احتمال وارد.