بسم الله الرحمن الرحيم
معهد دراسات: 2007 شهد حصارا لم يسبق له مثيل
غزة- وحدة الاعلام
قال معهد دراسات التنمية IDS بغزة إن الحصار والإغلاق الإسرائيلي للمعابر قد أثر بشكل كبير على حركة الأفراد وتوزيع البضائع وتحديد نوع البضائع الواردة إلى قطاع غزة ، علما بأن إجراءات الحصار والإغلاق بدأت منذ العام 2000 حيث منع السكان من السفر عبر معبر الكرامة أو مطار اللد أو مطار غزة الدولي.
جاء ذلك خلال التقرير السنوي الذي أصدره معهد دراسات التنمية IDS حول التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة خلال العام 2007.
وذكر التقرير أن العام الماضي شهد تحولات سياسية واقتصادية بدأت باتفاق مكة بين حركة فتح و حركة حماس وتخللها صراع داخلي مسلح انتهى بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة.
ونتيجة لتلك الإجراءات فان العام 2007 شهد إغلاقا وحصارا لم يسبق له مثيل منذ قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994 ، حيث أغلق معبر رفح بنسبة 84% من أيام السنة ، وأغلق معبر بيت حانون " ايرز " تماما أمام العمال الغزيين العاملين في إسرائيل الأمر الذي أدى إلى فقد آلاف العاملين أعمالهم في إسرائيل أو في الخارج ، إضافة إلى حرمان الطلاب والسكان من السفر والتنقل من والى خارج القطاع.
كما ازدادت نسب الإغلاق في معبر كارني التجاري والذي يعتبر أهم المعابر التجارية في قطاع غزة من 29% عام 2006 إلى 64% عام 2007 ، وأغلق معبر صوفا بنسبة 40% عام 2007 ، كما استمر إغلاق معبر رفح التجاري منذ الانسحاب الإسرائيلي في سبتمبر 2005 ونتيجة لإغلاق المعابر التجارية انعدمت الصادرات من قطاع غزة خلال النصف الثاني من العام 2007 بعد أن وصلت نحو 38.3 مليون دولار خلال النصف الأول من العام نفسه ، أما الواردات فقد تراجعت من 368 مليون دولار عام 2006 إلي 222 مليون دولار خلال النصف الأول من العام 2007 ، وقد انعكست نتائج الإغلاق على آراء أصحاب الشركات والمنشات حيث تراجع معدل التفاؤل بتحسن أوضاع المنشات من 45% عام 2006 إلى 14% في نهاية العام 2007 ويعود ذلك لانسداد الأفق السياسي وتشديد الحصار على قطاع غزة.
وأشار التقرير الى أن الإغلاق أثر على الأنشطة الاقتصادية حيث انعكس على معدلات الاستثمار في قطاع غزة حيث لم تسجل أية شركة أجنبية منذ الربع الثاني 2006 وكذلك تراجع تسجيل الشركات الخاصة المحدودة بنسبة 31.6% مقارنة بالعام 2006، هذا التراجع اثر على الأنشطة الاقتصادية حيث توقف عن العمل نحو 90% من المنشات العاملة في القطاع الصناعي خلال العام 2007.
وقال التقرير أن قطاع الإنشاءات فقد توقف عن العمل بشكل شبه تام، الأمر الذي أدى إلى تعطل ألاف العاملين في ذلك القطاع إضافة لتوقف جميع المشاريع الإنشائية والتطويرية الخاصة بالمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، أما القطاع الزراعي فقد تضرر بشكل كبير بسبب هذا الحصار، حيث بلغت خسائر الفراولة لوحدها نحو 15 مليون دولار خلال الموسم الزراعي 2007، وفي نفس الوقت فقد انخفضت التسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك العاملة في قطاع غزة بنسبة 59% عام 2007.
وبين التقرير أن عدد سكان قطاع غزة قدر بنحو 1.399 مليون نسمة في العام 2007 بزيادة قدرها 3.55% مقارنة بالعام 2006، بلغت نسبة القوة البشرية- السكان في سن العمل- حوالي 51.4% من مجموع السكان، و لا تزال القوى العاملة المشاركة منخفضة مقارنة بالدول المجاورة فقد بلغت273300 فرد ( 38% من القوى البشرية) خلال العام 2007.
كما بلغ معدل البطالة حسب التعريف الموسع 35.2% عام 2007 فيما بلغ 40% عام 2006، أي أن معدلات البطالة تراجعت بحوالي خمس نقاط، بينما بلغت هذه النسبة حسب تعريف منظمة العمل الدولية نحو 29.7% عام 2007 و 34.8% عام 2006 ، هذا التراجع في معدلات البطالة لا يرجع إلي تحسن في الاقتصاد الغزي بل إلى تضاعف أعداد العاملين بدون اجر عام 2007 مقارنة بالعام 2006، حيث مثلوا 11% من مجموع العاملين(192100 ) في العام 2007.
وحسب التقرير فبالنسبة لتوزيع العمالة على القطاعات الاقتصادية يتضح أن قطاع الخدمات يحتل نصيب الأكبر من حيث حجم التشغيل، حيث بلغ معدل العاملين فيه نحو 51% من إجمالي عدد العاملين في قطاع غزة ، كما يليه قطاع التجارة والفنادق والمطاعم بنسبة 18% ومن ثم قطاع الزراعة بنسبة 13% يليه قطاع النقل والتخزين والاتصالات بنسبة 6.9% ومن ثم الصناعة بنسبة 6.6% وأخيرا قطاع الإنشاءات بنسبة 4.2% ، ويلاحظ هنا ارتفاع نسبة مساهمة قطاع الزراعة في التشغيل بسبب تحول الكثير من العاملين الذين تعطلوا عن العمل في القطاعات الأخرى إلى الزراعة.
ونتيجة لتردي المناخ الاستثماري العام فقد انخفضت نسب أرباب العمل من 4.2% في 2006 إلى 2.7% في نهاية العام 2007 ، ويرجع ذلك إلى إغلاق العديد من الشركات وهجرة جزء كبير من رؤوس الأموال إلى الخارج، في المقابل الذي ازداد عدد الذين يعملون لحسابهم من 31500 في 2006 إلى 40600 في العام 2007.
وأظهر التقرير أن 80% من الأسر في قطاع غزة تقع تحت خط الفقر البالغ نحو 2300 شيقل لكل أسرة شهريا ، وحسب دراسة صادرة عن UNDP فأن 70% من الأسر تقع تحت خط الفقر في قطاع غزة ، ويرجع ارتفاع معدلات الفقر إلي زيادة عدد العاطلين عن العمل والذين يعملون بدون اجر و كذلك تدنى وتاكل الأجور وخصوصا في القطاع الخاص, وبالرغم من ارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق في قطاع غزة فقد رافق ذلك ارتفاع في مؤشر غلاء المعيشة خلال العام 2007 بنسبة 4.4% مقارنة بالعام 2006 بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار المشروبات والتبغ والنقل والمواصلات وغيرها.
وأشارت الإحصاءات إلى أن 75% من سكان قطاع غزة يواجهون صعوبة في توفير السلع المعيشية، وتفيد الدراسات أن حوالي 80% من سكان قطاع غزة تلقوا مساعدات خلال العام 2007.
وقال التقرير " إن استمرار إغلاق المعابر سيؤدي إلى توقف بقية القطاعات الاقتصادية التي لم تتوقف بعد ، إضافة إلى تعطل العاملين فيها والبالغ عددهم 55000 عامل واعتبارهم ضمن فئة العاطلين الجدد وعلى وجه التحديد قطاعات الزراعة والخدمات.
وحسب التقرير فمن المتوقع أن ترتفع نسبة البطالة إلى 45% على الأقل في حال استمر الحصار الاقتصادي، وقد ترتفع إلى 73% في حال انهيار السلطة الفلسطينية، وبالتالي فإن لم يتحقق تقدم علي مدار السنوات القادمة باتجاه تنمية اقتصادية، فإن الانعكاسات السلبية ستتمثل في زيادة النزعة إلي الهجرة . أما في حالة استمرار الإغلاق فإن الشباب العاطل عن العمل سيكون في وضع جاهز للانحرافات الاجتماعية والأمنية ، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة العنف الداخلي والجريمة.
وأشار التقرير وفي حال استمر الحصار، من المتوقع أن يستمر ارتفاع الأسعار ونفاذ كثير من السلع والخدمات، الأمر الذي يسهم في اضمحلال استراتيجيات التكيف (أكثرها خفض النفقات علي الغذاء) التي يتخذها السكان منذ العام 2000، مما فاقم مشاكل الصحة العامة وخصوصاُ ازدياد نسب سوء التغذية لدي الأطفال، الأمر الذي يهدد المستقبل العلمي و العملي لجيل الشباب الغزي في خلال بضعة سنوات.
وأكد المعهد أن الخروج من الأزمة الحالية يتطلب إعادة تقييم الأوضاع السياسية والاقتصادية لدى متخذي القرار الفلسطيني، وكذلك الدول والمنظمات المعنية بالجانب الفلسطيني وبالتالي ينبغي على الأطراف التي تدير قطاع غزة (السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، حكومة الأمر الواقع في قطاع غزة، الدول العربية، إسرائيل، الدول المانحة) أن توفر مناخا ملائما لتحييد المدنيين وحمايتهم من الصراعات والتجاذبات السياسية من اجل رفع الحصار .
وتقدم فريق البحث الدكتور إسماعيل لبّـد، الأستاذ محمد الراعي، الأستاذ عبد الفتاح نصر الله، بالتقدير الخاص للجنة الاستشارية للتقرير والمكونة من الدكتور محمد عجور من وزارة التخطيط، الأستاذ خالد جبر من وزارة الزراعة، والمهندس علي أبو شهلا من القطاع الخاص لمساعدتهم في تحضير وتدقيق هذا التقرير وكذلك الشكر إلى الدكتور محمد مقداد، الأستاذ تيسير محيسن، الأستاذ علاء أبو طه من معهد دراسات التنمية لمساعدتهم في تحرير هذا التقرير.
منقول "اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار"