التورق بالسلع الوهمية
الشيخ/ خالد بن إبراهيم الدعيجي
في إحدى ليالي رمضان المقمرة، اتصل أخ عزيز، قائلاً: أريد أن أتورق بشرط أن لا أتورط ، فذهبت إلى البنك (...) وأخبروني بطريقة مجازة، وأريد أن تتأكد بنفسك من شرعيتها.
فاستعنت بالله، وقابلت المسئول، فأسهب شارحاً ومقنعاً بجدوى هذا المنتج، وختم قائلاً: نحن نملك هذه السلعة ملكاً تاماً تجدها في مستودعات شركة (....) ولك الخيار في بيعها إما بتوكيلنا أو توكيل شركة (...) أو تستلمها بنفسك وتبيعها.
فسررت كثيراً لهذا العرض الرائع، وهذا التدريب المميز لخدمات العملاء، وهممت أن اتصل بأخي وأقول له: امض على بركة الله وتورق معهم فالعملية مجازة على الطريقة الإسلامية، ولكن قررت أن أذهب لمستودعات شركة (...) ليطمئن قلبي ثم بعد ذلك أخبر أخي.
فارتحلت دون مسافة قصر إلى هذا المستودع، فدخلته فإذا بكم وافر من منتجات محلية ودولية، فقابلت مدير المستودع فسألته عن سلع بنك (...) فقال: يقال إن هذه الكومة هي للبنك، فرأيتها فإذا هي بضعة من (...) لا تكاد تفي بربع حاجة أخينا، فقلت له أو غير ذاك؟ قال لا يوجد غير تلك الكومة، وهي منذ أمد لم تزد ولم تنقص.
ثم سألته هل يوجد طلب من الزبائن لو أردت بيعها؟ قال نحن يقل تعاملنا بهذه السلعة ولهذا لا يوجد غير هذه الكومة، بخلاف غيرها من السلع.
فعلمت أن المسألة فيها ما فيها، فرجعت إلى البنك وسألت المسئول: هل من الممكن أن تذكر لي صفات السلعة بالدقة؟ فقال: هاه ..هاه..لا أدري.
ثم قلت له: إن السلع الموجودة في المستودع لا تسد حاجتي، فمن أين لكم أن توفروا الباقي؟ ومن سيحضرها إلى المستودع؟ لأني أريد أن أستلمها وأبيعها بنفسي.
فقال: أنت أول شخص يسألنا مثل هذه الأسئلة ولا أملك لك جواباً.
فقلت له: (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ )(النمل: من الآية40) قد يكون للبنك أعوان من الجن، أو قدرة خيالية كقدرة أعوان سليمان عليه السلام، فلن أستعجل بالحكم.
فكلمت المسئول الأول في البنك عن هذا المنتج وسألته عن وصف السلعة بالتمام : فقال إن السلع المملوكة للبنك هي من شركة ( وذكر شركة سعودية عملاقة) وذكر الحجم والمقاس. فشكرته على تفاهمه.
ثم اتصلت بمستودع الشركة في الرياض وقلت له: هل يوجد عندكم (ثم ذكرت له الوصف المحدد ) فقال: نحن لا نتعامل أصلاً مع منتجات هذه الشركة في هذا النوع بالتحديد.
ثم تمت اتصالات على مدى يومين أريد أن أصل إلى نوع السلعة ووصفها بالتحديد فذكروا لي بعد عناء الوصف المحدد، وشكرتهم على مضض، وأخبروني أنهم لو وكلت البنك أو الشركة في بيعها فستحصل على المبلغ المحدد لك من قبل البنك وهو مئة ألف ريال.
ولكني قررت أن أستلم السلعة بنفسي وأبيعها بعداً عن الحرام أو شبهته، فبدأت مرحلة استعلام أخرى عن سعر هذه السلعة في السوق، فتم الاتصال بعدد من الموردين المختصين وسألتهم عن سعرها فكانت المفاجأة أني لو أردت بيعها في السوق فسوف أخسر على الأقل حوالي 30% من المبلغ المحدد، حيث سأبيعها بسبعين ألف ريال.
فاستعبرت وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله، فعلى من تباع السلعة إذن؟ لا شك إنها أوراق توقع فقط بين البنك والشركة ولا يوجد بائع ولا مشتري.
فاتصلت بأخي وقلت له ابتعد عن هذا البنك، واتق الله وسوف يجعل لك مخرجاً.
وأخيراً: صورة مع التحية للهيئات الشرعية.
الشيخ/ خالد بن إبراهيم الدعيجي