تبرئة ذئاب بلاك ووتر بقلم :شاكر نوري أصبح منظرهم مألوفاً لدى العراقيين: رجال مدججون بالمسدسات والرشاشات، يضعون نظارات سود على أعينهم، ويخرجون للشوارع بسيارات الدفع الرباعي، المحصنة بنوافذ مطلية، ويتمتعون بصلاحية إيقاف أية سيارة في الشارع بحجة محاربة الإرهاب وحماية المسؤولين الأميركيين. لم يكن العراقيون يعرفون في بادئ الأمر من هم هؤلاء الرجال حتى 31 مارس من عام 2004، عندما قام مقاتلو الفلوجة بقتل أربعة منهم وعلقوا جثثهم على جسر المدينة.
ومنذ ذلك اليوم، أخذ اسم «بلاك ووتر» ينتشر بين الناس، مدوياً ومثيراً للرعب في نفوس العراقيين، بل وأصبحوا رمزاً للاحتلال. وضعهم بول بريمر فوق القانون ومنحهم حصانة لا مثيل لها.
لابد أن حادثة الفلوجة ترسخت في أذهان الأميركيين واستخدمتها الإدارة الأميركية لغسل أذهان الجمهور الأميركي من خلال تشبيه حادثة الفلوجة بما حصل في عام 1993 في الصومال عندما أسقطت طائرة هليكوبتر بلاك هوك، وقتل فيها 18 جندياً أميركياً، سحل بعضهم في شوارع مقديشيو، ويومها أجبرت الولايات المتحدة على الانسحاب.
لكن على عكس الصومال، لم يكن الرجال الذين قُتلوا في الفلوجة عناصر في الجيش الأميركي، وليسوا «مدنيين» أيضاً.
إنهم بكل بساطة جنود مرتزقة ذوو تدريب عال جداً، أرسلتهم شركة سرية تتمركز في براري كارولينا الشمالية ـ اسمها «بلاك ووتر يو. أس. أيه» التي بعثت فيها إدارة بوش الحياة ضمن أجندة الخصخصة الأمنية تحت قناع «الحرب على الإرهاب».
وهذا ما زاد في أوهام آل برنس، مؤسس بلاك ووتر بأن العراق مجرد إقطاعية تُضاف إلى إقطاعيته في كارولينا الشمالية التي تزيد مساحتها على سبعة آلاف فدان.
قرار القضاء الأميركي مؤخراً بتبرئة خمسة من مجرمي بلاك ووتر الذين قتلوا 17 عراقياً في ساحة النسور ببغداد يوم 16/9/2007، لم يكن مفاجئاً لأنه يعبر عن حقيقة الاحتلال الأميركي للعراق.
هل دماء 17 عراقياً قتلوا على يد هؤلاء المرتزقة، بل أكثر من مليون عراقي قتلوا على يد الجيش الأميركي أرخص من دماء ضحايا طائرة لوكيربي؟
المصدر/ صحف