أسواق النفط شهدت تغيّرات استثنائية في خصائصها وآلياتها أكد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن عام 2009 كان عاماً استثنائياً بالنسبة إلى أسواق النفط العالمية، التي شهدت خلاله تغيّرات كبرى في خصائصها وآلياتها في ظل أزمة المال العالمية. وأعلن المركز في تقرير أصدره أمس، أن الأزمة العالمية أدخلت أسواق النفط في مرحلة تاريخية جديدة اتسمت بسمات رئيسة عدة، ربما تكون المحدد الأساس لملامح أدائها خلال المرحلة المقبلة بداية السنة الحالية. وأوجز التقرير هذه السمات باثنتين رئيستين، أولاها تقلبات الأسعار العنيفة، وثانيتها تغير موازين القوى في هذه الأسواق.
فقد شهدت أسعار برميل النفط العالمية انهياراً حاداً عندما تراجعت من نحو 147 دولاراً (أعلى مستوى بلغته) في تموز (يوليو) 2008، إلى نحو 32 دولاراً في شباط (فبراير) 2009 (وأدنى مستوى لأسعار النفط منذ 12 عاماً)، بنسبة 78.2 في المائة.
وبجمع التغيّر الذي شهدته أسعار النفط في رحلة الهبوط ومن ثم الصعود حتى نهاية 2009، ينتهي التقرير إلى استخلاص أن الأسعار تغيّرت بنحو 228.2 في المئة، وربما يكون هذا التغير الأكبر على الإطلاق في مدى زمني لا يتجاوز 18 شهراً.
وبعدما كانت السوق تتمتع بدرجة من الاستقلالية قبل أزمة المال، على صعيد آليات العرض والطلب داخلها، أصبحت أقل استقلالاً في ظل الأزمة. وأصبحت توقعات أداء الإقتصاد العالمي الموجه الأول لأسواق النفط.
وتراجع نفوذ الدول المنتجة في أسواق النفط العالمية، فبعدما كانت تتسلّح بآليات تُمكنها من التأثير في توجهات أسواق النفط العالمية وأسعارها، تراجعت قدرات هذه الدول، وارتضت بدور أدنى، وظهر ذلك جلياً منتصف 2009، عندما تنازلت عن السعر العادل للنفط الذي كانت تدعو إليه في بداية السنة، وكان يتراوح بين 80 و90 دولاراً للبرميل، وقبلت بسعر 50 دولاراً إلى أن تزول تبعات أزمة المال لتتحين فرص استعادة نفوذها في الأسواق.
وتراجع نصيب دول «أوبك» من أسواق النفط العالمية، نتيجة سياسات المنظمة التي قضت بخفض إنتاجها نهاية 2008، واستغلت الدول غير الأعضاء في المنظمة هذه الظروف فزادت إنتاجها للاستفادة من الفراغ الذي تسببت به قرارات «أوبك». ودفع إنتاج «أوبك» الدول المستهلكة للنفط إلى تنويع مصادر احتياجاتها بعيداً عنها، تجنّباً لتهديد أمن الطاقة لديها.
وانتقلت عجلة التحكم في استهلاك الطاقة في 2009، من الدول المتقدمة إلى الدول الصاعدة، إذ أدى انكماش الاقتصادات المتقدمة ومحافظة الاقتصادات الصاعدة والنامية، إلى ارتفاع نصيب الدول الصاعدة والنامية من إجمالي استهلاك الطاقة العالمية إلى 52 في المئة.
ويخلص التقرير إلى أن التغيرات الدراماتيكية التي شهدتها أسواق النفط العالمية خلال العام الماضي ستشكّل الأرضية التي تنطلق منها في 2010، ويتوقع أن تكون أسعار النفط خلالها أكثر استقراراً، وأن تكون الدول المنتجة للنفط أقل انفعالاً مع تغيرات الأسعار المحدودة، وأكثر تقبلاً لتغيرات الأسعار ضمن نطاقات محددة.
المصدر/ صحف