ثقافة التعامل مع الأزمات
المقال
عبد القادر مصطفى عبد القادر
الأزمة ظرف استثنائي ينزل بالبشر أو بممتلكات البشر، فيصيبهم أو يصيبها بالهلاك أو بالعطب، ولذا فهي ظرف غير مرغوب فيه، ولكن يجب مواجهته للوقوف على أسبابه والحد من آثاره وتداعياته على المدى القريب والبعيد.
وهنا تتباين ردود الأفعال حيال الأزمة، وفقاً للتركيبة النفسية والعقائدية والفكرية، وبناء على الخبرة العلمية والظروف البيئية، ومن ثم تتفاوت النظرة إلى الأزمة من إنسان لآخر، ومن مجتمع لآخر، ومــــــن دولة لأخرى، تأسيساً على هذه الخلفيات، وبذا فلكلٍ فلسفته الخاصة ورؤيته المستقلة في التعاطـي مع أسباب الأزمة أو تداعياتها أو طرق علاجها.
• فمن الناس من ينظر إلى الأزمة على أنها قدر من الله يحمل في باطنه امتحاناً وابتلاءً كي يميز الله الصابرين من اليائسين، أو أنها بلاء يصب على الخلق من جراء ذنوبهم ومعاصيهم، وما على الناس سوى الصبر والاحتساب، أو التوبة والعودة إلى خالقهم ومولاهم.
• ومنهم من ينظر إليها على أنها منعطفات طبيعة في حياة البشر ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوجود الإنسان على الأرض وصراعه من أجل البقاء عليها.
• ومنهم من ينظر إليها على أنها ضرورة من ضرورات الحياة والتجدد ومن ثم فهي منبه ومنشط ومحفز لفطرة البحث عن حل أو حماية، وهى فطرة كامنة تـُستثار عند الشعور بالخطر أو الخوف، إلى غير ذلك.
ولما كان لكل حدث سبب، فإن لكل أزمة سبب، وربما مجموعة أسباب تتفاعل مع بعضها البعض بمساعدة عوامل وظروف معينة تكرس لتفجر أزمة أو مجموعة أزمات في أي وقت، وربما تكون هذه الأسباب معلومة أو مجهولة، وربما تكون من صنع الإنسان وتدخلاته الفضولية، وربما لا يكون للإنسان ذنب فيها.
وفى ميدان الأزمة التي تقع بفعل فاعل، تبرز مسئولية الإنسان عنها، ومن ثم يمكن التقاط دلائلها والحيلولة دون وقوعها من خلال مجموعة من الطرق الوقائية، أو معرفة أسبابها والحد من تأثيراتها وتداعياتها من خلال مجموعة من الطرق العلاجية، وفى كل الأحوال يجب على الفكر الإنساني أن يتحرك، ويجب على الجهد الإنساني أن ينطلق، خاصة وأن وقوع الأزمات أو افتعالها من قبل بعض الأطراف أصبح ظاهرة، في ظل هذا الصراع المحموم على الاستحواذ والامتلاك والسيطرة على كافة المستويات، بعدما تراجعت القيم الإنسانية بشكل ملحوظ، وتقدمت القيم المادية بشكل مخيف.
إن لكل أزمة من الأزمات أسباباً تحمل في طياتها دلائل تشير إلى احتمال وقوعها، من هذه الأسباب :-
(1) الطمع والجشع والاحتكار بكافة أشكاله وصوره.
(2) العشوائية والارتجالية في اتخاذ القرارات.
(3) غياب علم الضرورات وفقه الموازنات عند قراءة الواقع.
(4) تحكيم العواطف في قضايا تحتاج إلى العقل والعلم.
(5) إساءة تفسير مواقف الآخرين وقراءتها بشكل شخصي.
(6) تشويه المعلومات المتاحة عن واقعة معينة وتجنب الأمانة في نقلها كما هي.
(7) سوء الإدارة وضعف مستوى التخطيط.
(8) الفردية والانعزالية.
(9) تعارض الأهداف والمصالح على المستوى الفردي والجماعي.
(10) الشائعات والأكاذيب وما ينشأ عنها من بلبلة وتخبط وإثارة.
هذه بعض الأسباب، والتي قد تنتج متفرقة أو مجتمعة أزمة من الأزمات تختلف في حدتها وشراستها باختلاف الظروف والملابسات التي وقعت فيها، ومدى الاستعداد النفسي للتعامل أو التفاعل معها، أو التصدي لها ومحاصرة نتائجها بهدف تحجيمها أو تفتيتها أو تحويل مسارها.