بسم الله الرحمن الرحيم
هذه هي لعبة الأسهم ؟!
محمد أحمد الحساني
عندما تطرح شركة أو مؤسسة من المؤسسات نفسها وموجوداتها للاكتتاب العام، فإن أصحابها عادة ما يخصصون ثلث عدد الأسهم للاكتتاب ويحتفظون بالباقي وهو الثلثان تحت أيديهم، فلماذا طرحوا الثلث فقط للاكتتاب؟ ولماذا احتفظوا بالباقي وهو الثلثان؟ ولماذا لم يحولوا موجودات شركتهم أو مؤسستهم إلى أسهم بقيمة دفترية يتفقون عليها، ثم يدعونها حتى تتضاعف قيمتها في السوق فيصبح السهم الذي سعّروه حسب قيمته الدفترية بمئة ريال، خلال عامين أو ثلاثة أعوام وربما قبل ذلك بخمسة أضعاف ثمنه أي بخمسمئة ريال؟ أليس جحا أولى بلحم ثوره؟ فلماذا يُعطي جحا ثلث لحم ثوره للآخرين بطرح ثلث الأسهم للاكتتاب؟ هل هو من باب البر والإحسان ومساعدة الناس على الاشتراك في الغنائم الناتجة عن الارتفاع المتوقع في أسعار الأسهم المطروحة للاكتتاب ثم للتداول؟!
مثل هذه الأسئلة العديدة التي تبدو عميقة ومعقدة وإن كانت موضوعية! يمكن اختصار الإجابة عليها بأنها تمثل (لعبة الأسهم!!) وهي لعبة خطيرة يقف وراءها لاعبون كبار يجيدون اللعبة وهم الذين يخرجون منها في نهاية الأمر سالمين غانمين!
وإذا أردنا شرح ما سبق من خلال ضرب الأمثال التوضيحية، فإننا نقول لو أن شركاء في مؤسسة ما تُقيَّم موجوداتها بعشرة ملايين ريال، وقرر هؤلاء الشركاء طرحها على هيئة أسهم، كل سهم قيمته الدفترية مئة ريال، فإن معنى ذلك أن مجموع أسهم الشركة هي مئة ألف سهم، فيقوم الشركاء بطرح ثلاثين في المائة من هذه الأسهم للبيع على من يرغب في الشراء بسعر السهم مئة ريال، فيكون المطروح في السوق هو ثلاثين ألف سهم، محتفظين في أيديهم بالأسهم الباقية وهي سبعون ألف سهم، ثم يبدأ هؤلاء الكبار في النفخ المستمر في سعر السهم عن طريق شراء كميات صغيرة في بداية الأمر من الأسهم التي طرحوها من قبل وأصبحت مملوكة لصغار المساهمين، يشترون كميات صغيرة من الأسهم المتداولة بسعر الضعف فتبدأ حُمَّى البيع والشراء بين صغار المساهمين ويكون الإقبال كبيراً على شراء ما يُطرح من أسهم تلك الشركة فتزداد السوق اشتعالا وحماساً حتى يصل السهم إلى خمسمئة ريال نتيجة المضاربة والطمع في مكاسب سريعة، فإذا نضجت الطبخة واستوت وجاءت اللحظة المناسبة ضخ الشركاء جميع ما لديهم من أسهم تمثل أكثر من نصف مجموع الأسهم إلى السوق وباعوها بأعلى سعر وصلت إليه، فإذا حصل ذلك فإن درجة الغليان تبدأ في الهدوء فتُطرح في السوق أسهم فلا تجد من يشتريها فيصاب آخر المشترين الذين دخلوا متأخرين واشتروا بأعلى الأسعار (بالهلع) ويتنافسون على طرح أسهمهم للبيع، فيصبح هناك عرض بلا طلب، فلا تمر أيام إلا ويعود سعر السهم الذي نفخ فيه إلى حجمه الأساسي وسيرته الأولى، ويكون الشركاء قد باعوا حصتهم الكبيرة في اللحظة المناسبة بخمسة أضعاف قيمتها الدفترية وجلسوا بعيداً يراقبون صور الضحايا والمغشي عليهم والمفلسين والمرشحين لدخول أبو زعبل!!
هذه صورة مبسطة ومصغرة للعبة الأسهم (وستذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد)!!
منقوووووووووووووووووووول