بسم الله الرحمن الرحيم
شـائعات ومؤشرات
د. محمد نجيب خضر
الاستثمار في الأسهم المحلية أصبح حديث المجالس رجالاً ونساء، هذا بالإضافة إلى المساهمات العقارية، وكأنه لا توجد أي فرص استثمارية غيرها في وطننا الرحب. ولا أريد أن أخوض هنا في الأسباب التي أدت إلى ذلك، حيث إنه ليس موضوع هذا المقال.
أعود إلى الاستثمار في الأسهم المحلية، حيث يلاحظ من خلال المناقشات في المجالس أن ما يحدد اختيار أفضل الشركات التي يمكن الاستثمار في أسهمها هو ربحية الشركة السنوية وربع السنوية مقارنة بالعام أو الربع السابق، إضافة إلى ما يدور من شائعات عن هذه الشركة أو تلك فيما يخص مشاريعها المستقبلية أو نسبة التوزيع من أرباحها المحققة..... إلخ. ويعد السبب الرئيسي لذلك هو عدم توافر الشفافية في عرض كامل المعلومات عن الشركات المساهمة عن طريق النشر في الصحف الاقتصادية المتخصصة أو الإنترنت من خلال صفحة الشركة على الشبكة واجتماعات الجمعيات العمومية، وبالتالي فإن الحكم على الربحية بالشكل المعروض فقط لاتخاذ قرار المساهمة من عدمه غير صحيح وتعتبر الربحية ومقارنتها بالفترات السابقة من المؤشرات المتأخرة Lagging Indicator وليست من المؤشرات القيادية Leading Indicators ولكنها تعتبر أحد العناصر التي يبنى على أساسها قرار المساهمة، لذا عند دراسة أي شركة مساهمة لاتخاذ قرار المساهمة من عدمه يجب توافر معلومات كاملة عن استراتيجية الشركة، مشاريعها المستقبلية، أعضاء مجلس الإدارة وخبراتهم السابقة في مجال أنشطة الشركة، وكفاءة وخبرات الإدارة التنفيذية. وتشمل الاستراتيجية رؤية الشركة، رسالتها، أهدافها طويلة ومتوسطة المدى والخطط العملية التي ستحقق من خلال تطبيقها هذه الأهداف، من هنا يستطيع المساهم مراجعة ومطابقة هذه المعلومات بما تحققه الشركة فعلياً خلال الفترة الزمنية التي تحددها الاستراتيجية.
يلاحظ كذلك بشكل عام تدني حضور المساهمين في الجمعيات العمومية، ما يضطر كثيراً من الشركات إلى إعادة جدولة موعد الاجتماع بسبب عدم اكتمال النصاب المحدد نظاماً، بل إن معظم من يحضر لا يشارك في المناقشة التي تعتبر حقاً مكتسباً للمساهم لمطالبة أعضاء مجلس الإدارة والجهاز التنفيذي بشرح مفصل عن خططها الاستراتيجية ونتائج أعمالها، وإبداء أي اقتراحات قد تسهم في تطويرها، وبالتالي تحقيق الهدف المنشود من عقد هذه الاجتماعات والبعد عن الروتين المتبع في جدول أعمال هذه الاجتماعات كاعتماد الميزانية ونسبة توزيح الأرباح وتبرئة ذمة أعضاء مجلس الإدارة... إلخ. كما نجد أن كثيراً من المساهمين يقومون بتوكيل آخرين لعدم رغبتهم في الحضور، حيث لا يتوقعون أي فائدة من مشاركتهم لرتابة وروتينية هذه الاجتماعات وعدم الإفصاح الكافي في التقارير الموزعة عليهم، وكذلك العرض المقدم من مجلس الإدارة خلال الاجتماع وأن حضورهم فقط للموافقة والتصفيق الحار للسادة الأعضاء، وبالتالي يتضح أن المساهمين يتحملون جزءاً من المسؤولية في عدم اهتمام أعضاء مجلس الإدارة بعرض كامل وبشفافية لخطط الشركة المستقبلية وأهدافها ومناقشتها مع المساهمين خلال الجمعيات العمومية.
من هنا أرى أنه يجب أن تفرض على الشركات المساهمة شفافية أكثر في المعلومات التي تنشرها وتقديم هذه المعلومات بشكل دوري، وعرض أي انحرافات عن الخطط وأسباب تلك الانحرافات، حيث إنها معلومات من حق المساهمين الاطلاع عليها لاتخاذ القرار السليم في استثماراتهم، كما تجب توعية المساهمين للحضور والمشاركة الفعالة في الجمعيات العمومية وإبداء مرئياتهم لما فيه مصلحة الشركة ومساهميها، وعلى أعضاء مجلس الإدارة أخذ هذه الاقتراحات بجدية وتطبيق الجيد منها وعرضه في اجتماع الجمعية العمومية الذي يليه. وكل ذلك سيساعد في انتظام سوق الأسهم بشكل يجعل الارتفاع أو الانخفاض في أسعار الأسهم مبنياً على أسس صحيحة وليس مجرد: شائعات ... مؤشرات متأخرة ..... عرض وطلب.
كاتب سعودي
منقووووووول
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم/ جعبة الأسهم