اللهم انصر عبادك المؤمنين

موضوع: اللهم انصر عبادك المؤمنين 2008-08-26, 5:50 am

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم انصر عبادك المؤمنين

عبدالرحمن علي البنفلاح
«الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض« (حديث صحيح رواه أبويعلى في مسنده والحاكم في مستدركه عن علي رضي الله عنه/ انظر الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير للسيوطي/ ص259). ولكن متى يكون الدعاء سلاحا قاهرا، وعمادا للدين قويا صلبا، ونورا للسماوات والأرض؟ يكون الدعاء كل ذلك إذا سبقه العمل والجد والاجتهاد أما ان نبادر ونسارع إلى رفع الاكف الى السماء بالدعاء قبل ان نستفرغ الوسع، وبذل الجهد فيما ينبغي لنا عمله، فهذا تواكل لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم لنا، امة لا يخاطبها مولاها عز وجل في القرآن الكريم إلا بقوله: «الذين آمنوا وعملوا الصالحات« ويخاطبها رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: «المؤمن من امنه الناس على أموالهم وانفسهم والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب« (حديث حسن رواه ابن ماجة في سننه عن فضالة بن عبيد/ راجع الجامع الصغير في احاديث البشير النذير للسيوطي/ص548).
إذًا، لا خير في إيمان بلا عمل كما أنه لا خير في عمل بلا إيمان، فالمؤمن الحق الذي يكون مؤهلا للدعاء ودعاؤه مرجو الاجابة هو: المؤمن الذي آمن بالله تعالى ربا وبالقرآن كتاب هداية وتمكين وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، واخذ بالأسباب الموصلة إلى الغاية التي يريد، ثم بعد ذلك يرفع كفه إلى مولاه عز وجل وهو على ثقة بأن دعاءه مستجاب، وحاجته مقضية. وإذا كان في الأمور العادية البسيطة يوجهنا الرسول صلى الله عليه وسلم قبل التوكل على الله تعالى كما في قصة الاعرابي الذي سأل رسول الله، صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بعنق دابته: اعقلها واتوكل يا رسول الله، أم اتركها واتوكل؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل اعقلها وتوكل« أي خذ بالأسباب ثم توكل على الله تعالى. لذلك، فإجابة الله تعالى الدعاء للمبتلى مشروطة بالاضطرار، يقول المولى عز وجل «أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء...« (النمل/62). فإذا دعوت ولم يستجب لك، فاعلم انك لم تبلغ بعد حد الاضطرار، وحد الاضطرار هو ألا تدخر وسعا ولا جهدا في الاخذ بالأسباب قبل أن ترفع أكف الدعاء والضراعة إلى الله تعالى وهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم، فقد كان يبذل اقصى ما يملك من أسباب، فإذا لم يبق شيء منها رفع كفه الشريفة إلى الله تعالى فدعا وألح في الدعاء فيستجيب الله تعالى له. لقد اضطررت إلى هذه المقدمة الطويلة بعض الشيء لأتحدث عن مرض اصاب الامة حينما تركت العمل، والاخذ بالاسباب، وظننت أن مجرد الدعاء يحقق لها ما تريد، والدعاء الذي جعلته عنوانا لمقالتي هذا دعاء نكرره في كل صلاة وفي كل لحظة ينزل بنا البلاء، أو يهزمنا الاعداء، فنسارع إلى رفع الايدي الى السماء ونسأله سبحانه بأن ينصر المؤمنين، ولم نسأل انفسنا هل قمنا بما يجب ان نقوم به وهل درسنا امكاناتنا وما نملك من أسباب النصر فأخذنا بها، ووحدنا صفوفنا؟ لأن الله تعالى يحب الذين يقاتلون في سبيله، وفي رفع راية دينه عاليه خفاقة، يريدهم صفا واحدا، قال ذلك كشرط من شروط النصر والتأييد، يقول سبحانه وتعالى: «إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص« (الصف/4). وقبل ذلك امرنا باتخاذ الأسباب، وإعداد ما نستطيع وما هو متيسر لدينا من عدة، فقال تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون« (الأنفال/60). ولو كان هناك إنسان مستغن عن العمل والسعي واتخاذ الاسباب لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم احق بذلك من الناس اجمعين، ولكن الله تعالى امره باتخاذ الأسباب ليكون اسوة للناس يسيرون على هديه، ويترسمون طريقته، وتأمل حادث الهجرة وما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهد جبار، وأخذ بالأسباب، حتى انه صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا ولو بسيطا للمصادفة بل رسم الخطط، ووزع الأدوار، حتى تحققت الهجرة من مكة إلى المدينة كأعظم ما يكون النجاح والتوفيق. لقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كل هذا، وبذل من الجهد والطاقة ما بذل، وكان الله تعالى قادرا على ان يحمله إلى المدينة كما فعل معه في حادث الإسراء والمعراج، ولكنه سبحانه كان يريد ان يكون رسوله صلى الله عليه وسلم نموذجا حيا في وجدان الامة على امتثاله لأوامر الله تعالى ونواهيه. الأمة التي ورثت عنه صلى الله عليه وسلم هذه الرسالة العظيمة وتحملت هذه المسؤولية الكبيرة حري بها ان تترسم هداه في الاخذ بالأسباب، واستنفاد الوسع والطاقة في سبيل تحقيق المهام العظام، أما المسارعة إلى الدعاء من دون بذل الجهد والاخذ بالأسباب فهذا من صفات العاجزين الذين يتمنون على الله تعالى الأماني، ويظنون ظن السوء انهم بمجرد انهم مسلمون، فان ذلك يكفي ليأتيهم النصر إلى بيوتهم وإلى مضاجعهم زاحفا. إنه وهم يجب ان تفيق منه الأمة الاسلامية وان تعود إلى تاريخها العريق لتعلم ان ما انجزته من انتصارات وفتوحات لم يأت بمجرد الأماني والاحلام، بل كان وراء تحققه جهاد وجهاد، وبذل وصبر، وقتال واستشهاد. عندما تحول المسلم المؤمن الى جندي لا نظير له يحب الموت في سبيل الله، كما يحب عدوه الحياة، ويحرص على الموت حرص عدوه على الحياة، ويعود من المعركة باكيا لأنه لم يستشهد كما استشهد اخوانه، رغم انه حقق النصر على الاعداء، بهذا الجهاد، وبهذا الجهد حقق المسلمون في عصورهم الزاهرة ما حققوه من نصر وحضارة وتمكين، ولن يستطيعوا ان يحققوا ما يطمحون إليه إلا بذينك الجهاد والجهد أنفسهما وليس بمجرد الدعاء بلا عمل ولا سعي. نحن لا ننكر ما للدعاء من اثر جبار ونتائج محققة، ولكن هذا مع العمل والسعي وبذل الوسع والطاقة لا من دونهما.

منقوووووووووووووول

بارك الله فيك وفي جهودك

جزاك الله كل خير

بارك الله فيكما وجزاكم الله خيرا .. شرفني مروركم !

» الإساءة لأم المؤمنين.. من قم إلى واشنطن !!
» من إساءات الصفويين لعلي أمير المؤمنين
» (علامات حضور ملك الموت)اللهم لاتجعل الدنيا اكبرهمنا
» اللهم دمر اقتصادها !
» اللهم حرم وجه من قرأ هذا الموضوع النار ....