بسم الله الرحمن الرحيم
هل كلمة الاختلاط حادثة ؟!!
الشيخ/ محمد بن عبدالله الهبدان
في إحدى القنوات الفضائية التي أخذت على عاتقها حرب الفضيلة في هذه البلاد زعمت إحدى المداخلات عبر الهاتف ـ ويظهر أن المداخلات مرتبة ومحبوكة من الأصل ـ أن كلمة الاختلاط كلمة حادثة وحددت عمر هذه الكلمة بثلاثين سنة وتقول إنه مصطلح نجدي !!
وهذه الدعوى ليست غريبة فقد سبقها أقوام آخرون كقول بعضهم في لفظة الاختلاط ( لفظة مستحدثة في عصرنا لم تستعمل في أي موضع من القرآن الكريم سواء بلفظها أو مدلولها , ولم ترد في أي حديث نبوي ولا أي كتاب من كتب الفقه و التشريع ) ([1]). وهذا الكلام إن دل فإنما يدل على أن هؤلاء يلقون الكلام على عواهنه دون تحرٍ أو بحث أو استقراء مما يستوجب على الباحث وطالب الحق إذا قرأ أن يمحص ما يقرأ عنهم أو حين يستمع إلى أقوالهم ولعلي أذكر في هذه العجالة الأدلة من السنة على ورود هذه اللفظة بالمعنى المقصود والمراد وأنه غير حادث ونعرج على بعض كلام العلماء المتقدمين في التحذير منه :
أولاً : جاءت بها السنة :
ـ ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن جريج قال أخبرني عطاء ..وفيه : ( قُلْتُ : كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ ؟ قَالَ : لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَطُوفُ حَجْرَةً مِنْ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ ..» ([2]).
ـ عن مالك بن ربيعة - رضي الله عنه- أَنَّهُ « سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فقال رسول الله صلى الله علي وسلم للنساء : ليس لَكُنَّ أن تحققن بالطريق . عليكن بحافات الطريق ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالشيء في الجدار من لصوقها به » ([3])
ثانياً : جاءت في كلام المتقدمين :
ـ قال الحسن البصري -رحمه الله -ت 110 هـ ـ : ( إن اجتماع الرجال والنساء لبدعة . رواه الخلال ) ([4]) .
ـ قال ابن العربي -رحمه الله - ت 543هـ : ( إن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجلس ولا تخالط الرجال ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها وإن كانت برزة لم يجمعها والرجال مجلس واحد تزدحم فيه معهم وتكون مناظرة لهم ) ([5])
ـ وقال ابن العربي -رحمه الله -ت 543هـ ـ : ( ويحتمل أن تريد أنها امرأة فلا تصلح لمخالطة الرجال ) ([6])
ـ قال القاضي عياض ـ ت 544هـ ـ : ( قد أمرنا بالمباعدة من أنفاس الرجال والنساء وكانت عادته صلى الله عليه وسلم مباعدتهن لتقتدي به أمته ) ([7]) .
نسأل الله تعالى أن يحفظ لهذه البلاد أمنها وإيمانها وجميع بلاد المسلمين .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ انظر : الاختلاط في الدين وفي التاريخ وفي علم الاجتماع . ص 22 ، د . أحمد شوقي الفنجري .
[2] ـ رواه البخاري ورقمه (1618) .
[3] ـ رواه أبو داود ورقمه (5272) . وسكت عنه المنذري وله شاهد عن أبي هريرة- رضي الله عنه- بلفظ : ( ليس للنساء وسط الطريق ) رواه ابن حبان في صحيحه رقم (1969) . والحديث حسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم (85) (2/537)
[4] ـ الصارم المشهور ص 91 وانظر أيضا كلاماً حسنا في ذيل طبقات الحنابلة (4/195)
[5] ـ انظر : تفسير القرطبي (13/184) .
[6] ـ أحكام القرآن (1 /270) .
[7] ـ شرح النووي على صحيح مسلم )14/166) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المشرف العام على مؤسسة نور الإسلام
منقوووول "شبكة نور الاسلام"