بسم الله الرحمن الرحيم
الأمن الغذائي .. ناقوس ينذر الجميع!! ( 1- 2)
علي القحيص
تشكل قضية الأمن الغذائي في الوطن العربي عامة ومنطقة الخليج بشكل خاص هاجسا لدى المسؤولين وصناع القرار، في ظل تنامي الخطر الذي تخلفه مشكلة عدم توافر الكميات الكافية من الاغذية والموارد الزراعية باسعار مناسبة مع حاجات الفرد وطاقاته المادية، ورغم ان الأزمة التي تمر بها بلادنا العربية هي ازمة عالمية الا ان خطورتها تزداد على البلاد العربية في ظل عدم توفر آلية علمية ذات طابع اقليمي اوقومي لمواجهة الاخطار الناتجة عن هذه الازمة التي يمر بها العالم والتي تختلف عن الكثير من الأزمات المشابهة، خاصة وان السباق العالمي لم يعد من أجل النفط، ولا حول المعادن الحيوية والمياه، وإنما صار حول تأمين إمدادات الغذاء. فنتيجة لمحاولة العديد من دول العالم تأمين إمداداتها من الطاقة في ظل الارتفاع الكبير لأسعار النفط التي قفزت بشكل غير مسبوق ليتجاوز سعر البرميل 116(دولاراً) مما دفع بالكثير من الدول إلى استخدام كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية في انتاج الوقود الحيوي، الامر الذي يؤثر بشكل خطير على مخزون هذه المواد وارتفاع اسعارها، ليصب في نهاية المطاف في تضخيم ازمات الأمن الغذائي المختلفة وتداعياتها على الأوضاع الاقتصادية في الكثير من مناطق العالم، ناهيك عن تغيرات المناخ العالمي التي انعسكت على الكثير من المناطق بشكل سلبي لاسيما على الأوضاع الزراعية في هذه المناطق حيث اضحى العالم يستهلك احيانا من بعض المواد الغذائية اكثر، وهو مؤشر لخطر كبير لا يمكن تجاهله، كما ادى ذلك ارتفاع الأسعار وفقا لمعادلة العرض والطلب ولم يقتصر الأمر على الدول الفقيرة فحسب، وإنما بدأت الظاهرة تأخذ ملامحها في الدول الصناعية ومنها الولايات المتحدة التي ارتفعت فيها اسعار المواد الغذائية بحوالي اربعة في المئة العام الماضي وتوقعت مصادر مطلعة أن يستمر هذا التضخم على الأقل على مدى السنوات القادمة.
واذا كان هذا هو واقع الحال في الدول الصناعية الكبرى والتي تمتلك الامكانيات الكبيرة سواء من الناحية الفنية أو المادية لمعالجة الأزمات فما بالك ببعض الدول الفقيرة أو تلك التي تفتقر إلى اية آلية جدية لمواجهة الازمة، ورغم تواضع طموحاتها الا ان الدول العربية التي تعد من الدول المهددة غذائيا لاسباب عديدة تحاول وضع استراتيجية عربية للامن الغذائي، ترتكز على ايجاد الخطط الاستراتيجية بهذا الخصوص وتشجيع القطاع الزراعي وانشاء صندوق عربي لدعم القطاع الزراعي خاصة اذا ما علمنا ان الوطن العربي يستورد ما يقارب ال 90بالمئة من حاجاته من الأغذية والمواد الأساسية من الخارج خصوصا دول الخليج (التي تستهلك أكثر مما تنتج)، رغم كبر مساحات الاراضي التي يمكن استثمارها زراعيا لتلافي الأزمات الغذائية.
وفي دول الخليج العربية ومع مواجهة دول العالم لخطر تناقص المواد الغذائية، يتوجب على دول مجلس التعاون الخليجي مجابهة المخاوف المتزايدة المتعلقة بالامن الغذائي من خلال تخفيض اعتمادها على استيراد احتياجاتها التي تبلغ 10مليارات دولار سنويا. وبالتأكيد فان هذا الرقم قابل للزيادة في ظل تزايد ارتفاع اسعار السلع الغذائية المضطرد، واذا كانت الدول العربية الخليجية قادرة اليوم على تامين حاجياتها من الغذاء نظرا لقوتها الاقتصادية، الا ان هذا لا يقلل ابدا من القلق المتزايد يوما بعد يوم بالنسبة للأمن الغذائي العربي والخليجي، خاصة اذا علمنا ان الدول التي تستورد منها الدول الخليجية حاجاتها الغذائية ليست هي الآخرة بمنأى عن الأزمات الغذائية التي باتت تجتاح العالم بشكل عام الامر الذي يبين الحاجة الماسة لانشاء مخزون غذائي استراتيجي، يكون الضمانة الأسلم لمواجهة التحديات المقبلة ويرى السبل الأقصر والأسهل لتلافي كارثة قد تقع في أي وقت.
وفي الأسبوع القادم إن شاء الله سوف نواصل الحديث عن هذه الأزمة المتفاقمة.
@ المدير الإقليمي لمكتب دبي
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2008/05/08/article340899.html