وزن الدولار ينخفض .. ووزن أمريكا يتراجع!!

بسم الله الرحمن الرحيم

وزن الدولار ينخفض .. ووزن أمريكا يتراجع!!

د. أمين ساعاتي
اللافت اليوم أنه منذ إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي جورج بوش لفترة رئاسة ثانية وسعر صرف العملة الأمريكية في حالة هبوط أمام العملات الرئيسية، ومع تراجع الدولار بنحو 10 في المائة من قيمته في فترة أربعة أسابيع بعد إعادة انتخاب بوش تضاف هذه النسبة إلى نحو ثلث قيمته التي فقدها في الأعوام الأربعة لإدارة بوش الأولى، وعندئذ فإن القلق بدأ يسود مختلف دول العالم.
ولكن فيما يبدو أن الأمريكيين سعداء بهبوط عملتهم لأسباب عدة وصفها أحد المحللين الأمريكيين الذي قال إن الدولار يعاني من ورم حميد، ولذلك فإن انخفاض الدولار في مواجهة العملات الرئيسية الأخرى لا يدعو إلى القلق، إلا أن هذا التجاهل الحميد قد يقود إلى أعراض خبيثة لا تهدد الاقتصاد الأمريكي فحسب بل تهدد الاقتصاد الدولي.
إن سعر صرف الدولار تراجع على مدى الأعوام الأربعة الماضية في مقابل العملات الرئيسية في العالم بنسبة 26 في المائة، وفي العامين الأخيرين فقط هبط الدولار بنسبة 29 في المائة في مقابل اليورو وبنسبة 20 في المائة في مقابل الين وبنسبة 20 في المائة مقابل الجنيه الاسترليني.
وعلى رغم صراخ الأوروبيين من تراجع قيمة الدولار باعتبار أن ذلك يقلل من صادراتهم المسعرة باليورو القوي، خصوصا إلى السوق الأمريكية التي تشكل الوجهة الرئيسية للصادرات الأوروبية، إلا أن الآسيويين هم المتضررون أكثر وبالذات دول الخليج، (صحيح أنه مع تراجع قيمة الدولار بنسبة 10 في المائة، تفقد الشركات الأوروبية ما بين 2 إلى 4 في المائة من عائداتها، إلا أن الاقتصادات الآسيوية تتعرض مع تراجع الدولار إلى فقدان قيمة ثرواتها وخسارة رأسمالية كبيرة في عملاتها الوطنية.
ولذلك بدأت دول عدة في الآونة الأخيرة وآخرها الكويت التحول إلى سلة عملات للاحتفاظ باحتياطيها من النقد الأجنبي. وذكر صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي أن الدولار فقد قدراً من مكانته كعملة احتياط في الأعوام الأربعة الأخيرة لمصلحة اليورو.
ورغم ذلك فإن بعض دول مجلس التعاون الخليجي، ترى أن ربط عملاتها بالدولار ضروري للحفاظ على الاستقرار النقدي، خصوصاً وهي تستعد لإطلاق عملة خليجية موحدة بحلول سنة 2010، كما أن تسعير النفط بسلة عملات بدلا من الدولار يلقى مقاومة كبيرة داخل أوبك، إذ إن الدولار، فضلا عن كونه عملة قياس دولية، فإنه أداة الاستثمار الرئيسية في الاقتصاد الأمريكي وأي قرار بفك الارتباط سوف يترتب عليه تبعات سياسية إضافة إلى تبعاته الاقتصادية.
ولكن من جهتها فإن الصين التي تقاوم بشدة ضغوطا أمريكية لفك ربط عملتها بالدولار، تقوم بتصدير منتجاتها إلى كل أنحاء العالم بكميات كبيرة وبالذات للسوق الأمريكية والأوروبية. ولذلك فإن ربط عملتها بالدولار يعطيها ميزة تنافسية كبيرة، ما يجعل فائض ميزان تجارتها مع العالم لمصلحتها بقدر هائل . أما الدول النفطية فتصدر سلعة أولية واحدة يخضع تسعيرها لعوامل دولية ولها حسابات تختلف عن حسابات السلع الأخرى، ولا تكسب ميزة تنافسية تصديرية كبيرة من إبقاء تسعيرها بالدولار، إلا أن استقرار السياسة النقدية أمر في غاية الأهمية لدول الخليج وهي تسعى لإصدار عملة موحدة، ولذلك يرى كثيرون من المراقبين أن استمرار الربط بالدولار أفضل من التحول إلى سلة عملات.
أما المستفيد الأكبر فهم الأمريكيون الذين يتمتعون بتراجع قيمة العجوزات في حساباتهم أوتوماتيكيا نتيجة تراجع الدولار. كذلك تستفيد صادراتهم من زيادة قدرتها التنافسية، وقد اتضح ذلك في أرقام العجز التجاري الشهرية، إذ تراجعت بشكل ملحوظ مع شركائها التجاريين في آسيا وأوروبا.
وهناك فائدة أهم، وهي أن الدين الأمريكي للخارج. وكله بالدولار، يفقد من قيمته بمقدار هبوط الدولار وبالتالي لا يصبح الأمريكيون مدينين 100 في المائة منه، بل بحسب نسبة هبوط العملة الأمريكية. وإذا كان الهبوط المتتالي للدولار سوف يمكن إدارة بوش من ضبط عجوزاتها بنسبة معقولة، لكن إذا ارتفع عجز الموازنة عن 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وظل العجز التجاري أعلى من 5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي فلن يكون بوسع أحد وقف انهيار العملة الأمريكية وبالتالي دخول الاقتصاد الدولي كله في أزمة اقتصادية عالمية حادة.
وعندئذ يمكننا أن نتساءل: هل تدهور العملة الأمريكية عالميا هو بداية نهاية هيمنة القطب الأمريكي الواحد على العالم؟ سؤال مهم نعتقد أنه يشغل بال الإدارة الأمريكية، والأمر الأهم هو أن الانخفاض في سعر صرف الدولار هذه المرة يأتي في ظل تواضع نمو الاقتصاد الأمريكي والخوف من التحول نحو الركود التام في نهاية هذا العام 2007 مقابل استمرار النمو الاقتصادي القوي في الصين، وتسجيل أوروبا واليابان مؤشرات تؤكد أنها ستحقق معدلات نمو أفضل من السنوات السابقة، ولذلك إذا استمر تواضع الأداء الاقتصادي الأمريكي، واستمر أيضا العجز في الميزان الحالي لميزان المدفوعات، وعجز الموازنة الفيدرالية فإن الضغوط تتزايد على البنوك المركزية حول العالم لخفض ما تحتفظ به من احتياطيات نقدية في صورة الدولار إلى عملات أخرى مثل اليورو الأوروبي، خاصة في البلدان التي لديها احتياطيات نقدية كبيرة مثل الصين التي تحتفظ بما يزيد على تريليون دولار من الاحتياطيات بالنقد الأجنبي، واليابان التي لديها ما يقرب من التريليون دولار، إضافة إلى بلدان جنوب شرق آسيا وروسيا ودول الخليج العربية، وقد تتزايد الضغوط على العملة الأمريكية التي ظلت لفترة طويلة من الوقت تتمتع بمزايا كونها عملة الاحتياط النقدي الأساسية في العالم، وهو اتجاه مستمر منذ فترة من الوقت، حيث لا تزيد الاحتياطيات بالدولار التي تحتفظ بها دول العالم المختلفة الآن على 60 في المائة من جملة احتياطياتها، بينما كانت النسبة نفسها تقترب من 70 في المائة في عام 2000. ويشير معدل تدهور الدولار إلى بدايات الانتقال إلى نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وهو ما يشبه ما حدث للاسترليني عقب الحرب العالمية الثانية حينما انهارت العملة البريطانية أمام الدولار الأمريكي، واليوم يتحرك اليورو الأوروبي ليقتص للاسترليني الأوروبي، ويؤكد ذلك أن الولايات المتحدة بدلا من أن تقدم على خطوات إصلاحية ضرورية في سياستها الاقتصادية فإنها تحمل الآخرين ما يحدث للدولار من ضعف وبالذات الصين حيث تتهمها بالحفاظ على سعر صرف منخفض لعملتها أمام الدولار لتحقق مكاسب تجارية كبيرة.
والخلاصة أن الدولار الأمريكي في موقف لا يحسد عليه وأن انهياره سيؤدي إلى سلسلة من الانهيارات التي تضرب الدولة الأمريكية في كل مكان من جسم جبروتها المتداعي.

منقووووووووووووووووول

الله يعطيك العافيه

تحياتي لك

الله يعافيك .. ويحييك بينا في منتداك

» النفط يتراجع 1.4%بعد خفض توقعات وكالة الطاقة
» بقعة زيت على طريق الدولار
» الدولار يلفظ انفاسه الاخيرة.. فاستعدوا لتشييعه ودفنه
» مسؤول:دول الخليج تدرس في سرية رفع قيمة عملاتها مقابل الدولار
» المركزي الأمريكي يتراجع عن "تفاؤله" الاقتصادي + تعليق