الهند تعلن الحرب على حق العودة الفلسطيني ..؟! د.مازن صافي
في الوقت الذي تشتد فيه معركة الاستيطان وينتصر القرار الفلسطيني بأنه لا عودة للمفاوضات أو المحادثات مع الإسرائيليين إلا بتجميد كلي للاستيطان وضمانات بذلك .. تطل علينا لغة قديمة جديدة أسوأ من مسألة الاستيطان بل أنها المسبب الرئيس للاستيطان .. ولعله من المفيد تاريخيا أن نذهب إلى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي حيث تزايدت الهجرة الصهيونية اليهودية إلى فلسطين .. ولقد كان لهذه الهجرة تهديد للمستقبل السياسي لعرب فلسطين وأيضا تسببت بأضرار في الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية الفلسطينية .. وهدفت تأثيرات الهجرة اليهودية إلى تحويل الفلسطينيين إلى أقلية سكانية .. ونعم وبعد العام 1948 أصبح 80% من السكان العرب يسكنون القرى ، ونسبة 20% يسكنون المدن بعكس الاسرائيلين الذين يسكن أكثر من 80% منهم المدن العربية التي احتلت وشرد أهلها وسكانها وأصبحت ضمن مدن دولة إسرائيل " الكيان الصهيوني " .. و20% يسكنون في المستوطنات .. وبهذا استطاع العالم الظالم أن يحول السكان الفلسطينيين إلى أقلية واعترفوا بالكيان العبري كدولة " أغلبية " ..ولأجل هذا أصدرت إسرائيل ما يعرف بــ " قانون العودة " في 1950 ، وهو يعني حق الالتجاء أو الهجرة لكل يهودي في أي بقعة من بقاع العالم إلى إسرائيل كمهاجر ..
ما دعاني لكتابة هذا المقال هو الخبر الذي تناقلته الأخبار بتاريخ 10/1/2010 الذي جاء فيه أن الحكومة الإسرائيلية تستعد لتهجير 7223 هنديا إلى إسرائيل يدعون بأن أصولهم تعود لليهودية ، وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن المجموعة الهندية التي تقطن شرق الهند تدعى أبناء منشي ، وتدعي أنها من سلالة أحد الأسباط اليهودية (منشي)، وسيتم تهجريهم إلى إسرائيل بعد أن يتم تهويدهم حسب الشريعة اليهودية في بلد ثالث.
وتشير الصحيفة إلى ان قرار تهجيرهم إلى إسرائيل جاء بعد سلسلة من المداولات المتشعبة التي امتدت على مدى سنوات، وأنهم سينقلون إلى نيبال ليتم تهويدهم هناك ومن ثم يحصلون على «حق العودة» اليهودي .
لقد أدرك القائمون على المشروع الصهيوني منذ البداية بأهمية وجود اليهود على أرض فلسطين حتى يتمكنوا من وضع العنصر البشري لإقامة الدولة لذلك كان هناك إصدار لقانون العودة الإسرائيلي فور إعلان العالم الظالم قيام دولة إسرائيل .. وفي نفس الوقت كان هناك قرار صهيوني أنه لا بد من توفير الأرض بأي صورة لكي يعيش فوقها هؤلاء اليهود .. ففي المعتقد الصهيوني أن الأرض هي الحاضنة الطبيعية لمشروع ومستقبل دولته .. فكان مشروع هرتزل " ضرورة توفير عنصر الأرض " .. فكان الاستيطان هو الوجه الحقيقي الذي يعكس تطبيق هذا المشروع .. الاستيطان فوق أي بقعة من أرض فلسطين .. وكلما زادت الهجرة كلما زاد النشاط الاستيطاني والاستيلاء على الأراضي العربية الفلسطينية ..
اليوم علينا أن نذكر أن إسرائيل ومن خلال هذه السياسات العدائية والاحتلالية والاستيطانية استطاعت أن تزرع أكثر من 200 ألف مستوطن في القدس موزعين على 27 مستوطنة .. فالوضع اليوم هو عبارة عن حقل ألغام .. والمطالبة بإزالة الاستيطان أو تجميده هو معركة تحتاج إلى صمود فلسطيني على المستوى القيادي والشعبي .. وعلينا أن نتذكر أن الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات صمد أمام المشروع الأمريكي الإسرائيلي في نهاية فترة الرئيس الأمريكي بل كلينتون ... ورفض أن يتم تأجيل موضوع القدس سنتين ,أصرت إسرائيل أن القدس هي عاصمة أبدية لإسرائيل .. ويجدر ذكره أن العرب كان موقفهم مساند للرئيس ياسر عرفات رحمه الله .. وحين رفض مشاريعهم وما أسفرت عنه المفاوضات في البيت الأبيض كان النتيجة اندلاع انتفاضة الأقصى وصولا الى حصار الرئيس ... وهذا يعني أنه كلما فشلت إسرائيل في التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين كلما كانت النتيجة عدوان إسرائيلي جديد ومواجهات شاملة ..
اليوم وبالهجرة الجديدة للمجموعة الهندية إلى إسرائيل فإن هذا رسالة واضحة للقيادة الفلسطينية ولكل العرب أن إسرائيل ماضية في سياسة الاستيطان وتهويد الأراضي الفلسطينية .
الشعب الفلسطيني يطالب اليوم بدولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وحق العودة وتقرير المصير .. والعدو الصهيوني يعمل اليوم على الاستيطان فوق الأراضي التي من المفترض أنها أراضي الدولة الفلسطينية ويعمل على تفعيل قانون حق العودة اليهودي .. مفارقتان تترجمان الواقع السياسي الحقيقي .. استيطان مستمر وتهويد مستمر وتجاهل للحقوق الفلسطينية بل ومزيدا من العدوان والقتل والحرق والتدمير .. فماذا تبقى للشعب الفلسطيني أمام واقع لا فرار منه .. أترك الإجابة للقارئ الكريم ..
المصدر/ صحف