خنق وتطويق مصر مائيا .. ماذا يفعل ليبرمان في منابع النيل ؟!
كاتب الموضوع
رسالة
جعبة الأسهم
(مؤسس الحلال الطيب)
تاريخ التسجيل : 16/10/2007رقم العضوية : 1المساهمات : 5199النشاط : الكنية : أبو عبدالرحمنحكمتي : من يجادل كثيرا يعمل قليلا
موضوع: خنق وتطويق مصر مائيا .. ماذا يفعل ليبرمان في منابع النيل ؟! 2009-09-13, 4:29 am
خنق وتطويق مصر مائيا .. ماذا يفعل ليبرمان في منابع النيل ؟!
جمال عرفة ما الذي يفعله وزير الخارجية “الإسرائيلي” أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "يسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف في أفريقيا ؟ هل هي مصادفة أن تكون ثلاثة من الدول الخمس التي يزروها من دول حوض النيل التي تتنازع مع مصر حصص مياه النيل؟ وهل توقيت الزيارة – قبيل وصول وفود مصرية لدول حوض النيل لتحسين العلاقات معها – مقصود لتعكير الأجواء بين دول حوض النيل والقاهرة ؟
هل نصدق ما تقوله الصحف "الإسرائيلية" من أن زيارته لأفريقيا مجرد بروباجندا إعلامية و"تتعلق بأمور هامشية بالنسبة للسياسة الخارجية الإسرائيلية" (هآرتس - ألوف بن - 26/8/2009) ، أم نأخذ في حسباننا الوقائع علي الأرض وهو إصطحاب ليبرمان معه خبراء مياه وسلاح ، دون أن نغفل المخطط الاستراتيجي الصهيوني - الذي سبق أن كشفته وثائق صهيونية وأخرها محاضرة رسمية لوزير الأمن “الإسرائيلي” أفي ديختر 30/10/2008م في تل أبيب – والقائم علي ضرورة حصار مصر من أفريقيا ؟.
أهداف مختلفة .. ومصر في البؤرة ! الواقع أن ما فعله ليبرمان – الذي سبق أن هدد مصر بضرب السد العالي بالصواريخ لإغراقها بمياه النيل – ربما تكون له أهداف شخصية تتعلق بالرد علي منع مصر استقباله في القاهرة بإثارة غضبها باللعب في منطقة حوض النيل . ولكن المنطقي هو أن نضع الزيارة في سياق الاستراتيجية الصهيونية العليا تجاه مصر لا الأهواء الشخصية ، وان ندرك أن للزيارة أهداف صهيونية أكبر وأخطر تتعلق ليس فقط بحصار مصر من جهة حوض النيل وإثارة الغبار في طريق الوفود المصرية التي تستعد للسفر لحوض النيل لتبريد الخلافات حول مياه النيل وعرض مشروعات مشتركة ، وإنما أيضا الترويج لمشاريع "تدويل" الأنهار ومصادر المياه ، ومن ثم تشجيع الدول الأفريقية علي احتجاز المزيد من مياه النيل أمام سدود تشجع "إسرائيل" بناؤها وتمويلها ، تهميدا لبيع هذه المياه لدول أخري مثل "إسرائيل" نفسها ! . وبشكل عام يمكن رصد عدة أهداف إسرائيلية من وراء الزيارة بعضها معلن والباقي خفي غير ظاهر علي النحو التالي : أولا : الأهداف المعلنة : وفقا للتصريحات الإسرائيلية الرسمية فهدف الزيارة هو : 1- افتتاح مشروعات زراعية وصناعية تشارك فيها إسرائيل في هذه الدول الأفريقية . 2- عقد عدة صفقات اقتصادية هامة مع الدول الخمسة بعدما غاب المسئولون الصهاينة عن زيارة أفريقيا في السنوات الـ 20 الأخيرة ، ولهذا يرافق ليبرمان وفد من كبار المسئولين الاقتصاديين يضم 20 شخصاً . 3- تدشين عدد من المشاريع هناك- بحسب القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي - في مجالات الطاقة، الزراعة، المياه، والبنى التحتية، الكيماويات والسفن، الاتصالات ومجال الحماية . ثانيا : الأهداف غير المعلنة : أما الأهداف غير المعلنة من وراء جولة ليبرمان فيبدو أنها تتمحور حول : 1- الضغط علي القاهرة وتأجيج الخلافات الموجودة بالفعل بين مصر ودول حوض النيل خصوصا أثيوبيا وكينيا ، إذ أن توقيت الزيارة يستهدف بلا شك إجهاض المفاوضات التي تجريها مصر مع دول حوض النيل للحفاظ على حصتها من مياه النيل من جهة ، ومن جهة أخري يفتح الباب أم تساؤلات حول المساعٍ الإسرائيلية لمساعدة الدول الأفريقية في إقامة سدود ومشروعات مائية على النيل، تدفعها مستقبلا للمطالبة بتعديل اتفاقية توزيع حصص مياه النيل لزيادة حصصها، وبالتالي تقليل حصة مصر التي تعتبرها حقا تاريخيا . وما يزعج القاهرة هنا أن حصتها من المياه البالغة 5ر55 مليار متر تتقلص أحيانا لتصل إلي 51 مليار فقط كما حدث العام الماضي ، والسبب بوضوح –كما يؤكد خبراء مصريون (د. ممدوح حمزة - الاستشاري الدولي) إنشاء إثيوبيا ودول الحوض سدودا علي النيل تحتجز جزء من المياه ولو زاد إنشاء هذه السدود سيجري احتجاز المزيد !. 2- أحد أهداف ليبرمان هو الترويج لفكرة مشروع إسرائيلي – أمريكي يجري بحث عرضه علي الأمم المتحدة لـ "تدويل" الأنهار المشتركة أو مشروع "خصخصة" المياه الذي يدرسه البنك الدولي ، بدعوي منع قيام حروب مياه ، وهو هدف خبيث حذر خبراء مياه مصريون منه لتدويل نهر النيل والضغط علي مصر ،وقد ألمح لهذا وزير الموارد المائية المصري السابق محمود أبو زيد في حديث لصحيفة "الأهرام الجمعة 27 فبراير 2009 . 3- هناك هدف عسكري غير واضح من وراء زيارة ليبرمان يفسره إصطحابه لرجال أعمال صهاينة من شركات سلاح ، ولكنه يدخل في الجانب التجاري عبر توريد صفقات سلاح للدول الأفريقية بدليل كشف صحف إسرائيلية أن غالبية الوفد الذي سافر مع ليبرمان له توجهات عسكرية ، والمخاوف هنا أن تجري صفقات سرية بالإنابة مع دولة مثل أوغندا أو كينيا مثلا لحساب حكومة جنوب السودان ، علي غرار صفقة السفينة الأوكرانية الشهيرة التي أحتجزها قراصنة الصومال ، وذلك في وقت تسعي فيه الحركة الشعبية الجنوبية لتعزيز وضعها العسكري تحسبا لانفصال جنوب السودان . 4- هناك توجيهات سياسية مصرية - بعد أزمة الخلاف مع دول حوض النيل - بضرورة تعميق العلاقات الاقتصادية مع دول حوض النيل، وزيادة التبادل التجاري معها، وإقامة مشاريع استثمارية، كجزء من خطة إستراتيجية تطبقها القاهرة حالياً لتحسين العلاقات مع هذه الدول حفاظاً على حصتها من مياه النيل. ووفقا لمصادر مصرية كان سيتم البدء بإثيوبيا، التي سيزورها وفد اقتصادي كبير برئاسة الدكتورة فايزة أبو النجا، وزيرة التعاون الدولي، الشهر المقبل ، تعقبها زيارة للدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، في نوفمبر المقبل لتوقيع صفقة متكافئة لتصدير منتجات مصرية مقابل استيراد لحوم إثيوبية .. ولكن ليبرمان تعمد زيارة أثيوبيا قبل الوفود المصرية وعرض عشرات المشاريع التجارية والصناعية المشابهة للمشاريع المصرية وبمزايا أفضل ، ما يؤكد أن الهدف الصهيوني هو الضغط علي مصر من منابع النيل ، لأن التركيز الاسرائيلي على اثيوبيا مقصود لانها تقود التمرد على اتفاقات المياه السابقة ولان 86% من مياه النيل تأتي من مرتفعاتها، فضلا عن الوجود العسكري الاسرائيلي المتعاظم هناك والذي له صلة بأزمات القرن الافريقي! 5- سبق ان كشف المحلل السياسي الأمريكي مايكل كيلو، مؤلف كتاب "حروب مصادر الثروة" أن "إسرائيل" لعبت دورًا كبيرًا مع دول حوض النيل لنقض المعاهدة الدولية التي تنظم توزيع مياه النيل، واعتبر أن هذا الأمر يأتي في إطار الإستراتيجية الصهيونية، إذ أن "إسرائيل" تلعب دورًا في حوض النيل ضمن مخطط أمريكي يسعى لانتزاع النفوذ هناك؛ ولذلك فإن الإدارة الأمريكية توفر "لإسرائيل" كل سبل التأثير على دول مثل إثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا والكونغو، بهدف إبقاء مصر في حالة توتر دائم وانشغال مستمر، وخصوصا أن 86% من موارد مصر النيلية تأتي من إثيوبيا . وضمن هذه الخطط الصهيونية اجتماع عقد بتل أبيب بين أعضاء بالكنيست ووزراء إثيوبيين كشفه "كيلو" أيضا ، وقال - في مقال مطول نشرته صحيفة "راندي ديلي ميل" الجنوب إفريقية - أنه تناول بحث إقامة مشاريع مشتركة عند منابع نهر النيل، وإن الأجندة الصهيونية تقوم على إقناع الوزراء الإثيوبيين باستكمال المشاريع المشتركة التي كانت قد توقف العمل بها، والتي تتضمن إقامة أربعة سدود على النيل لحجز المياه، وتوليد الكهرباء، وضبط حركة المياه باتجاه السودان ومصر، وذلك بهدف إشغال مصر في قضية تمس أمنها القومي وهي قضية المياه .
6- هناك هدف آخر يتعلق بسعي إسرائيل لإحداث شرخ في العلاقات العربية - الأفريقية خصوصا أن أفريقيا ظلت دوما مناصرة للقضايا العربية وفلسطين ، وقد وجدت إسرائيل في قضية دارفور فرصة سانحة لدق إسفين في هذه العلاقة من خلال إبراز القضية باعتبارها قضية أثنية يعمل فيها العنصر العربي على إبادة وإزالة العنصر الأفريقي في دارفور وفق الزعم الصهيوني ، وكذلك من خلال الربط بين صورة العربي الذي يفجر نفسه دفاعاً عن حقه في فلسطين، وتلك التي في دارفور عن قتل "الجنجاويد" العرب للعناصر الأفريقية !
الأهداف الإستراتيجية ولو وضعنا كل هذه الأهداف السابقة جانبا باعتبارها أهداف تكتيكية ، وركزنا علي الأهداف الإستراتيجية الصهيونية الأوسع التي تستهدف القفز إلي أفريقيا لمحاصرة مصر منذ الخمسينات من القرن الماضي ، فربما تتضح الصورة بشكل أفضل . من ذلك المعلن مثلا كتاب أصدره مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا(التابع لجامعة تل أبيب) حول "إسرائيل وحركة تحرير السودان"، كتبه ضابط الموساد السابق العميد المتقاعد موشى فرجى، وكان محور المقال هو التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي في التعامل مع العالم العربي ودول الجوار التي تحيط به. وقد لفت كتاب العميد (فرجى) إلى ما فعلته إسرائيل لكي تحقق مرادها في إضعاف مصر وتهديدها من الظهر، وكيف إنها انتشرت في قلب إفريقيا (في المدة من عام 56 إلى 77 أقامت علاقات مع 32 دولة افريقية ) - لكي تحيط بالسودان وتخترق جنوبه، وكيف وسعت علاقاتها مع دول حوض النيل للضغط على مصر . وووفقاً للكتاب "الإسرائيلي" ، فقد احتلت إثيوبيا أهمية خاصة في النشاط الاستخباري نظراً لقدرتها على التحكم في منابع النيل، وتقاطر عليها قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات على نحو لافت للنظر ، وكان التعاون العسكري هو أكثر ما اهتمت به إسرائيل . أما أخر هذه الخطط التي كشفت رسميا، فهي محاضرة رسمية لوزير الأمن الإسرائيلي بتاريخ 30/10/2008 حول أسباب اهتمام إسرائيل بالوضع في السودان وسعيها لتنفيذ خطة للتدخل في دارفور علي غرار ما فعلته في جنوب السودان . حيث قال "ديختر" أن " إسرائيل حين بلورت محددات سياستها وإستراتيجيتها حيال العالم العربي انطلقت من عملية استجلاء واستشراف للمستقبل وأبعاده وتقييمات تتجاوز المدى الحالي أو المنظور" . وأوضح ديختر أن استهداف السودان ليس لذاته فقط ولكن لـ "كون السودان يشكل عمق إستراتيجي لمصر وهو ما تجسد بعد حرب الأيام الستة 1967م عندما تحول السودان إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري وللقوات البرية هو وليبيا ، كما أرسل (السودان) قوات إلى منطقة القناة أثناء حرب الاستنزاف التي شنتها مصر منذ عام 1968 – 1970 ". ولذلك يقول : "كان لابد أن نعمل على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة رغم أنها تعج بالتعددية الأثينية والطائفية – لأن هذا المنظور الإستراتيجي الإسرائيلي ضرورة من ضرورات دعم وتعظيم الأمن القومي الإسرائيلي ". ليبرمان يسير بالتالي في ركاب تعظيم الوجود الصهيوني في أعالي النيل علي حساب مصر ، في وقت تغيب فيه الدول العربية عن أفريقيا وتترك الحلبة للصهاينة ينفذون فيها مخططتهم !.
منقوووووول "المسلم"
خنق وتطويق مصر مائيا .. ماذا يفعل ليبرمان في منابع النيل ؟!