أخي الزائر:

أنشيء حسابك بيننا الآن (خير الناس أنفعهم للناس) !

صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Card015
أخي الزائر:

أنشيء حسابك بيننا الآن (خير الناس أنفعهم للناس) !

صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Card015
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
التسجيلالرئيسيةأحدث الصوردخول

 

 صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صاحي بدري

الفريق الخاص


 الفريق الخاص
avatar


صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول 311814
تاريخ التسجيل : 04/01/2008
المساهمات : 27
النشاط :
صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Left_bar_bleue10 / 10010 / 100صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Right_bar_bleue

الكنية : بلا
حكمتي : من ايقونة الملف بالاسفل ضع حكمة أو مثل يعجبك

صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Empty
مُساهمةموضوع: صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول   صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول I_icon_minitime2009-03-25, 6:53 am

الحلقة الأولى:

الجذور التاريخية للحروب الصليبية

د. علي محمد الصلابي





صورة متخيلة لاقتحام الصليبيين بيت المقدس
المبحث الأول: الجذور التاريخية للحروب الصليبية:
إن مما يجدر ذكره أن الحرب الصليبية بين المسلمين والنصارى الغربيين وغيرهم، لم تبدأ في نهاية القرن الخامس الهجري، ولم تنته في القرن السابع الهجري، بل هذه الحملات هي سلسلة في هذا الصراع الطويل، الذي بدأ بظهور الإسلام[1]، واستمر بصيغ دورية متعاقبة كادت تغطي المدى الزمني لظهور الإسلام والعصر الحديث، ويمكن تقسيمه على ستة من المحاور التي استمر عليها هذا الصراع، ولم يكن أدوار الصراع على كل واحد من هذه المحاور يفتر قليل حتى يشب ثانية في محور جديد لا يقل عنه ضراوة وعنفاً، واستنزافاً للطاقات الإسلامية في مساحات واسعة من الأرض[2] وهذه المحاور هي:

أولاً: البيزنطيون: ترجع بدايات التحرك البيزنطي المضاد للإسلام إلى عصر الرسالة نفسه، فمنذ العام الخامس للهجرة وعبر معارك دومة الجندل، وذات السلاسل، ومؤتة، وتبوك، وانتهاء بحملة أسامة بن زيد رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين، كان المعسكر البيزنطي يتحسس الخطر الإسلامي الجديد القادم من الجنوب ؛ لاسيما بعدما تمكنت الدولة الناشئة من فك ارتباط العديد من القبائل العربية شمالي الجزيرة من سادتهم القدماء الروم، وسواء أكان البيزنطيون يتحركون ضد القوات الإسلامية بفعلهم إبتداء أو كرد فعل للتحرك الإسلامي، فإن المحصلة الأخيرة هي أن هذا المعسكر بدأ يدرك أكثر فأكثر حجم التحدي الجديد ويعد العدة لوقفه، صحيح أن هذه العدة لم تكن - أحياناً - بالحجم المطلوب، ربما بسبب عدم دقة المعلومات التي كانت القيادة البيزنطية تبني عليها مواقفها إلا أن النتيجة هي أن النار اشتعلت عبر هذا المحور، وازدادت اشتعالاً بُعيد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتدفق القوات الإسلامية في البلاد التي يسيطر عليها البيزنطيون[3]، وبعد إخراج البيزنطيين من ممتلكاتهم في آسيا وأجزاء من إفريقيا على أيدي القيادة الراشدة، التي شهدت المراحل التالية منها ؛ محاولات التفاف وردود أفعال عديدة وهجمات مضادة نفذها هذا المعسكر في البّر والبحر، ولكنها آلت في معظمها إلى الخسران، تم مالبث البيزنطيون أن انحسروا عبر العقود التالية، وبفضل الملاحقة الدؤوبة التي قام بها الأمويون[4] ؛ ابتداء من معاوية رضي الله عنه مؤسس الدولـة الأمـوية، وعهد عبد الملك بن مروان وبنيه خصوصاً الوليد وسليمان، وقد تم شرح ذلك وتفصيله في كتابي " الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الإنهيار "، واستمرت الملاحقة النشطة للبيزنطيين بعد الأمويين في الشام ومصر وشمال إفريقيا، وانحسروا بالكلية عن الشمال الإفريقي ومساحات واسعة من البحر المتوسط، وانزووا هناك في شبة جزيرة الأناضول، فضلاً عن ممتلكاتهم في أوروبا نفسها، وهكذا وبمرور الوقت، أصبح خطر هجماتهم المضادة محدوداً لأنها تركزت عند خط الثغور في الأناضول والجزيرة الفراتية دون أن تتعداه إلى العمق إلا نادراً بسبب يقظة القيادات الإسلامية، وتحصينها لخط الحدود من جهة، وقيامها بهجمات مستمرة ضد الدولة البيزنطية، وتوغلها بعمق باتجاه القسطنطينية نفسها من جهة أخرى، الأمر الذي لم يدع الإمبراطور البيزنطي - في معظم الأحيان - أن يأخذ زمام المبادرة، وأن يوسع نطاق هجومه المضاد اللهم إلا عند مطلع القرن الرابع الهجري حيث كانت الدولة العباسية قد ضعفت إلا أن ظهور السلاجقة أعطى دفعة قوية لحركة الجهاد الإسلامي، وقد استطاعوا في عهد السلطان السلجوقي ألب أرسلان أن يحققوا نجاحاً ساحقاً ضد العمود الفقري للقوات البيزنطية في معركة ملاذكرد عام 463ه، وكان هذا الانتصار بمثابة نهاية لتحديات الدولة البيزنطية وهجومها المضاد، واستمر على تلك الحال حتى سقوطها بعد عدة قرون على يد العثمانيين[5]، وقد فصلت ذلك في كتابي " الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط "[6].

ثانياً: الأسبان: شهدت الساحة الأندلسية، منذ بدايات مبكرة هجمات مضادة متواصلة قادمة من الشمال حيث يتحصن الأسبان في المناطق الأشد وعورة، ولقد تمخضت هذه الهجمات عن صراع مرير قدرت القيادة الأموية عبره أن تجابه الهجوم المضاد لمدى ما يقرب من القرون الثلاثة، وأن تحتويه وترغمه على الانحسار في الجيوب الشمالية لشبه الجزيرة الإيبرية، ثم جاءت دفقة الحيوية الإسلامية الجديدة مرتين إحداهما على يد المرابطين القادمين من المغرب[7]، الذين سجلوا لنا في صفحات المجد انتصارهم العظيم في معركة الزلاقة على النصارى الإسبان في عام 479ه، والأخرى على أيدي الموحدين الذين جاءوا من بعدهم الذين حققوا انتصاراً ساحقاً على النصارى في معركة الأرَك عام 591ه، التي سجلت على صفحات الزمان بماء الذهب الصافي[8]، وبذلك تمكن الإسلام في الأندلس من الصمود بمواجهة التحدي ومقارعة الهجوم الإسباني المضاد سلاح شبه متكافئ لمدى يقرب من القرون الأربعة[9].. لكن المسلمين هناك ما لبثوا أخيراً أن استنزفوا، وزادهم ضعفاً إنقسامهم على أنفسهم وصراعهم الدموي الطاحن فيما بينهم، الأمر الذي حول ميزان القوى لصالح القيادة النصرانية التي تمكنت في نهاية المطاف من إسقاط آخر كيان إسلامي هناك، مملكة غرناطـة 897ه لكـي ما تلبث - تحت زعامة فرديناند وايزابيلا - أن تنفذ أبشع مجزرة رهيبة في التاريخ البشري، اشتركت فيها السلطة والكنيسة ومحاكم التفتيش واستطاعت بأساليبها التي تجاوزت القيم الإنسانية فضلاً عن الدينية على تدمير الوجود الإسلامي في الأندلس وإزالته من الخارطة الإسبانية، ودمج الجماعات الإسلامية قسراً بالمجتمع النصراني ديناً وثقافةً وسلوكاً[10]..

ثالثاً: الحركة الصليبية: إن الحركة الصليبية هي رد الفعل المسيحي تجاه الإسلام، تمتد جذورها إلى بداية ظهوره، وخروج المسلمين من جزيرتهم العربية واصطدامهم بالدولة البيزنطية، وأن هذه الحركة تطورت كالكائن الحي على مدى القرون ما تكاد تخرج من طور إلا لتدخل في طور جديد وما كانت الفترة الزمنية الممتدة بين سنتي (488ه - 690ه/1095م - 1291م) إلا أحد أطوارها فقط، وأن بروز هذا الطور بهذا الشكل الذي كان يطغى على باقي أطوارها يعود إلى عوامل عديدة معقدة ومتشابكة يستطيع الباحث أن يتلمسها في الدوافع والأسباب التي أدت إلى إطلاق الموجة الصليبية العاتية من عقالها في هذه الفترة[11]، وقد تصالح المؤرخون على إطلاق الحروب الصليبية على الحركة الاستعمارية الصليبية التي ولدت في غرب أوروبا واتخذت شكل هجوم مسلح على بلاد المسلمين في الشام والعراق والأناضول، ومصر وتونس لاستئصال شأفة الإسلام والمسلمين والقضاء عليهم واسترجاع بيت المقدس وجذور هذه الحركة نابع من الأوضاع الدينية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية والسياسية التي سرت في غرب أوروبا في القرن الحادي عشر، واتخذت من الدين وقوداً لتحقيق أهدافها[12]، فالغزو الصليبي ليس أمراً جديداً ولا ظاهرة غريبة أو استثنائية وإنما هو القاعدة وغيره الاستثناء[13]، ولذلك نقول: إن التحديد الزمني للحركة الصليبية بين سنتي 588ه - 690ه، هو تحديد خاطئ كما يقول الأستاذ الدكتور سعيد عاشور: لا يقوم على أساس سليم ولا يعتمد على دراسة الحركة الصليبية دراسة شاملة، وإنما يكتفي بعلاج مبتور يشمل جزءاً من تلك الحركة ولا يعبر عن جذورها وأصولها من ناحية، ولا عن ذيولها وبقاياها من ناحية أخرى[14]، لقد كانت المقاومة الإسلامية لهذا الغزو تعبيراً فذا عن استمرار تيار العقيدة في نفوس المسلمين، على مستوى القمة حيناً، وعلى مستوى القواعد معظم الأحيان، لقد صنعت تلك الحقبة مجاهدين على درجة كبيرة من الفاعلية والقدرة، وقد انتشر هؤلاء المجاهدين في كل الجبهات وقاموا بمقاومة الغزاة في كل الفترات، وعلى مدى قرنين من الزمن لم يتخلوا عن المقاومة ولم يستكينوا أو يضعوا السلاح، كانوا على استعداد في كل لحظة لركوب خيولهم والإنطلاق سراعاً إلى الأهداف، والجهاد لا تضعه النظريات والأماني، والمجاهد لا يتحرك في الفراغ، ولكنها التحديات التاريخية الكبيرة هي التي تضع الجهاد وتبعث المجاهدين، وتنفخ في المقاتل المسلم روح البطولة والتضحية والاستشهاد[15]..

رابعاً: حركة التفاف الصليبيين: ما لبثت أوروبا بعد سحق الوجود الإسلامي في إسبانيا أن بدأت بقيادة إسبانيا والبرتغال، ومن بعدهما بريطانيا وهولندا وفرنسا، عملية الالتفاف التاريخية المعروفة على عالم الإسلام عبر خطوطه الخلفية في إفريقيا وآسيا، والتي كانت بمثابة حركة الاستعمار القديم التي ابتلي بها العالم الإسلامي فيما بعد، والتي استمرت حتى العقود التي أعقبت سقوط الخلافة العثمانية، كان المماليك في مصر والشام قد بلغوا مرحلة الإعياء، وكان اكتشاف الطريق البحري الجديد حول رأس الرجاء الصالح قد وجّه لتجارتهم - التي هي بمثابة العمود الفقري لمقدرتهم المادية - ضربة قاصمة، أما العثمانيون فكان جهدهم منصباً على اختراق أوروبا من الشرق، ولم تكن لديهم الجسور الجغرافية التي تمكنهم من وقف محاولة الالتفاف تلك في بداياتها الأولى، ولكنهم ما لبثوا بعد عدة عقود أن تحركوا لمجابهة الموقف، ومع ذلك فقد دافعت الشعوب والقيادات الإسلامية المحلية في المناطق التي ابتليت بالغزو دفاعاً مستميتاً، وضربت مثلاً صلباً في مقاومتها المتطاولة للعدوان، وألحقت بالغزاة خسائر فادحة على طول الجهات والمواقع الساحلية التي سعى هؤلاء إلى أن يجدوا فيها موطئ قدم[16]، وقد استطاع العثمانيون إنقاذ العالم الإسلامي من الغزو البرتغالي الإسباني الذي استهدف خنق التجارة الإسلامية، وحين حاولوا السيطرة على ساحل المغرب الإسلامي للإغارة عليه وضربه سارع العثمانيون بالسيطرة على المغرب كله ماعدا مراكش واستطاعوا مواجهة الإسبان في حوض المتوسط وجزائره وسواحله وأدالوا منهم، وبذلك استطاعت القوة البحرية العثمانية أن تحفظ شاطئ البحر المتوسط للإسلام والمسلمين، واستطاع العثمانيون أن يسيطروا على ساحل شرق إفريقيا وشمال المحيط الهندي في مطلع القرن الثامن عشر فأرهب ذلك الأوربيين، واستطاع أحمد بن سعيد 1740م أن يقف في وجههم في عمان حيث فقد البرتغاليون الأمل في استرداد هذه المنطقة، وقد كانت عمان بعد سقوط الأندلس أكبر قوة عربية ودامت نهضتها من عام 1000ه إلى 1250ه وقد استولت على ثغور البحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج .. فإفريقيا الشرقية إلى رأس الرجاء الصالح، وفي بضعة أجيال صار أهل عمان سادة هذه البحار العظمى الثلاثة وصار لهم أسطول ضخم هاجم الأسطول البرتغالي وأجلاه عن جميع الثغور الهندية والفارسية والإفريقية .. ولم يصبر الإنجليز على هذه الدولة البحرية التي كانت تهددهم في أملاكهم في آسيا وإفريقيا، فعملوا على مدى ثمانين عاماً على إضعافها والقضاء عليها وضرب الأسطول البريطاني مدنها بالقنابل[17]..

خامساً: الاستعمار: وجاءت الموجه الأوروبية المضادة التالية على يد القوات الاستعمارية التي دفعتها الثورة الصناعية إلى البحث عن مجالاتها الحيوية في القارات القديمة لتعريف بضائعها والحصول على الخامات الضرورية، وتسخير الطاقات البشرية ( الرخيصة المستعبدة في إفريقيا عن طريق نقلها بالقوة فيما يعرف بحركة تهجير العبيد التي كانت بمثابة إحدى العلامات السوداء في تاريخ الصراع بين أوروبا والشرق، والتي ذهب ضحيتها عدد كبير من أبناء الشعوب الإسلامية في إفريقيا، واستمرت هذه الموجة التي قادتها بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا إلى حد ماء، حتى العقود الأولى من القرن العشرين وكان العالم الإسلامي فريستها الأولى، بل إنه كان فريستها الوحيدة، إذا استثنينا مساحات محدودة قطنتها أكثرية غير إسلامية، وكانت أهدافها الاقتصادية تتحرك على خلفية صليبية عبّرت عن نفسها في أكثر من واقعة، وقدمت عبر التاريخ أكثر من دليل، إن " غلاد ستون " رئيس الوزراء البريطاني يقولها بصراحة أمام مجلس العموم البريطاني وهـو يمسـك بالمصحف الشريف: ما دام هذا في عقول المصريين وقلوبهم فلن نقدر عليهم أبداً[18]، وعندما دخل القائد البريطاني الصليبي القدس بعد الحرب العالمية منتشياً وحلفاء بريطانيا يستقبلونه بحفاوة وتكريم إلا أنه لم يخف حقده الصليبي على الإسلام والمسلمين، وأظهر سروره وحبوره كقائد صليبي منتصر فتح القدس وفلسطين وجعلها تحت الانتداب البريطاني الصليبي فقال: الآن انتهت الحروب الصليبية[19] يزعم بهذه العبارة أن هدف الحروب الصليبية باحتلال القدس وفرض السيادة الصليبية عليها وعلى فلسطين قد تحقق، وهو بهذا يشير إلى أن الحروب الصليبية التي استمرت قرنين من الزمان واحتلت القدس وفلسيطن سنة 492ه وحررها المسلمون في عام 583ه لم تحقق هدفها، أما الحرب العالمية الأولى فقد حققت فيها الصليبية هدفها واستولت على فلسطين والقدس وكانت السيادة لها، وأما القائد الصليبي الفرنسي فقد ذهب إلى قبر صلاح الدين في دمشق وقال عند القّبر: ها نحن عدنا يا صلاح الدين[20]، واستمرت الحرب الصليبية فلم تتوقف فقامت بريطانيا بإعطاء وطن لليهود على أرض فلسطين وإقامة دولة يهودية، واتخذت من القرارات والإجراءات الإدارية والعسكرية ما تقيم هذه الدولة، بتدريب اليهود على السلاح وفنون القتال وتوفير السلاح لهم، بل إعطاء بعض أسلحة الجيش البريطاني لهم، وبخاصة عندما أعلنت بريطانيا انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في 15/05/1948م بل سلمت كثيراً من المدن والقرى الفلسطينية إلى اليهود ليعلنوا إقامة دولة يهودية عليها، وفي الوقت ذاته قد حرمت على الفلسطنيين المسلمين التدريب على السلاح واقتناء السلاح، وشنت عقوبات ظالمة على كل فلسطيني يقتني السلاح أو العتاد، فكانت عقوبة الإعدام هي الشائعة، ولقد علق من المجاهدين المسلمين على أعواد مشانق الصليبيين الإنجليز في تلك الفترة آلاف الشهداء، وزج في غياهب السجون عشرات الألوف[21].. هذا وقد تزامنت الحركة الاستعمارية وارتبطت عضوياً بحركة التبشير النصرانية، بجانبيها الكاثوليكي والبروتستانتي، والتي انتشرت مراكزها في طول بلاد الإسلام وعرضها تمهد للاستعمار بأنشطتها المختلفة، وتفتح أمامه الطريق وتحظى تحت سلطانه بالكثير من المساعدات والميزات[22]، إلا أن هذا الهجوم الاستعماري الصليبي المضاد لم يمضي بسلام ولم تركع الشعوب الإسلامية أمام إرادة القوة التي اعتمدها الغزاة، بل شمروا عن ساعد الجد واستجاشوا قدرات الإيمان الدافقة ووازنوا بتضحياتهم وعشقهم الموت، وركضهم إلى الشهادة، رغم نقص إمكانياتهم العسكرية والمادية وصنعوا بذلك الأعاجيب التي أذهلت الغربيين وعرقلة استمرارية حركتهم، ألحقت بهم الهزائم والويلات ووضعت في طريقهم الأسلاك الشائكة والألغام، ليس هذا فحسب، بل إن الاستجابة للتحدي الاستعماري النصراني بعث حركات إسلامية أصيلة تخلّقت في مناخ جهادي قاس، واستهدفت مقارعة العدوان وتحرير الأرض والعقيدة والإنسان، وقدمت نماذج من أعمال المقاومة تحدث بها الغربيون قبل الشرقيين وملأت صفحات ناصعة بيضاء في معطيات التاريخ[23]، ونحن نذكر على سبيل المثال لا الحصر مقاومة كل من محمد عبد الكريم الخطابي بالمغرب وعبد القادر الجزائري وجمعية علماء المسلمين بالجزائر التي قادها عبد الحميد بن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي، وعمر المختار بليبيا، وغير ذلك من حركات التحرر التي تحتاج إلا أقلام صادقة لبحثها وكتابتها والأمة في أشد الحاجة إلى مثل هذه الدراسات الجادة ؛ إن الحرب الصليبية لم تنته ولن تنتهي، وما يحدث في أفغانستان والعراق وفلسطين دليل على ما نقول..

يتبع بمشيئة الله تعالى..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صاحي بدري

الفريق الخاص


 الفريق الخاص
avatar


صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول 311814
تاريخ التسجيل : 04/01/2008
المساهمات : 27
النشاط :
صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Left_bar_bleue10 / 10010 / 100صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Right_bar_bleue

الكنية : بلا
حكمتي : من ايقونة الملف بالاسفل ضع حكمة أو مثل يعجبك

صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Empty
مُساهمةموضوع: رد: صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول   صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول I_icon_minitime2009-03-25, 6:57 am

تعريف بكاتب الموضوع :

ولد د.الصلابي بمدينة بنغازي الليبية عام 1963م، وحصل على درجة الإجازة العالمية (الليسانس) من كلية الدعوة وأصول الدين من جامعة المدينة المنورة بالسعودية عام 1993، ثم واصل دراسته العليا في السودان؛ حيث نال درجة الماجستير من كلية أصول الدين بجامعة أم درمان الإسلامية عام 1996م، ونال الدكتوراه من نفس الجامعة عن مؤلفه "فقه التمكين في القرآن الكريم" عام 1999م.

من أبرز مؤلفاته: السيرة النبوية، و"فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح"، و"الدولة العثمانية"، و"الدولة الأموية"، و"دولة السلاجقة"، و"تاريخ دولتي المرابطين والموحدين".

كما أرخ الصلابي لسيرة الخلفاء الأربعة الراشدين في أربعة كتب منفصلة وهي: "الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق"، و"فصل الخطاب في سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب"، "تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان"، و"أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب". وفي كتاب خامس تناول د.الصلابي سيرة الحسن بن علي بن أبي طالب باعتباره خامس الخلفاء الراشدين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صاحي بدري

الفريق الخاص


 الفريق الخاص
avatar


صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول 311814
تاريخ التسجيل : 04/01/2008
المساهمات : 27
النشاط :
صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Left_bar_bleue10 / 10010 / 100صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Right_bar_bleue

الكنية : بلا
حكمتي : من ايقونة الملف بالاسفل ضع حكمة أو مثل يعجبك

صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول Empty
مُساهمةموضوع: رد: صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول   صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول I_icon_minitime2009-03-26, 2:39 am

نرجو من المشرفين تعديل العنوان ( صراع ...... )


الحلقة الثانية:

أسباب ودوافع الغزو الصليبي

خطبة البابا أوربان سنة 1097 التي حضت على شن الحروب الصليبية ضد المسلمين
كان المجتمع الأوروبي الغربي في هذه الفترة تسوده المنازعات والحروب المحلية بين الأمراء الإقطاعيين مما ساعد على ازدياد سوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية في الغرب الأوروبي [1] ، كما كان للصراعات القائمة بين رأسي العالم المسيحي الغربي حينذاك ، وهما البابا والأمبراطور أثر كبير في مجريات الأحداث الأوروبية ، فلقد بلغت البابوية درجة عظيمة من القوة واتساع النفوذ في هذه الفترة ، مما فتح أمامهما المجال لكي تصبح القوة العالمية بمعنى أن يكون البابا هو الزعيم الروحي لجميع المسيحيين في الشرق والغرب على حد سواء [2] ، بجانب الخلافات المستمرة الموجودة بين الكنيستين الأرثوذكسية الشرقية والكاثوليكية الغربية ، إذ أصرت كل منهما على أن تسود وجهة نظرها وأن تكون لها الأولوية على الأخرى.
ولهذا السبب عندما عرضت فكرة الحرب المقدسة على البابا أوربان الثاني (471 - 491ه) (1078 - 1097م) وجد في تنفيذها فرصة كبيرة لإنهاء الخلاف بين الكنيستين والسيطرة على الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية وإدماجها في الكنيسة الغربية تحت زعامته ، على أن يتم ذلك كله تحت ستار محاربة المسلمين وحماية البيزنطيين واسترداد الأراضي المقدسة في فلسطين [3] هذا بالإضافة إلى أغراض أخرى عديدة كانت البابوية ترغب في تحقيقها من وراء تمسكها بفكرة الحرب المقدسة ، منها التخلص من نفوذ كبار رجال الإقطاع في الغرب ، وإنهاء الحروب المستمرة عن طريق توجيه هذه الطاقات واستغلالها في الحرب المقدسة ، علها تفتح لهم بذلك منفذاً لحياة أفضل في الشرق بدون منازعات [4].

وقد اختلفت الآراء في تفسير طبيعة الحركة الصليبية والدوافع الكامنة وراءها فمنها ما هو مادي والبعض يرى أنها وليدة الحماس أو التعصب الديني التي عرفت بها أوروبا في العصور الوسطى ، وأن الباعث الحقيقي لتلك الحروب كان في الواقع هو الهوس الديني الممزوج بأغراض أخرى كالميل إلى تأسيس ممالك جديدة والحصول على الثروات الطائلة.

وقد اعتبر غالبية المؤرخين القدامى والحديثين تلك الحروب أنها حروب دينية ، وأن العامل الديني كان الدافع الأساسي وراءها من أجل استعادة قبر المسيح على حد زعمهم والأراضي المقدسة من أيدي المسلمين وهناك آخرون يعتبروها أحد مظاهر التوسع الاقتصادي الاستعماري في العصور الوسطى وحقيقة الأمر ، أن الحروب الصليبية كانت نتيجة لتفاعل هذه العوامل مجتمعة ، لأنها قامـت لأسـباب سياسية واقتصـادية واجتماعية ، وأتخذت الدين وقوداً أو وسيلة لاخفاء أغراضها المذكورة [5] ، ولا يمكن التقليل من الدافع الديني في تلك الحروب بأي وجه من الوجوه وإليك تفصيل تلك الدوافع والأسباب :

أولاً : الدافع الديني : كان الدافع الديني من الأسباب الرئيسية التي دفعت بالجموع الصليبية إلى قلب المعركة ، فقد كان شعار الحروب الصليبية ومما يظهر أهمية الجانب الديني أنهم قد وضعوا إشارة الصليب على أسلحتهم والأمتعة الخاصة بهم وقصدوا فلسطين بالذات [6] ، وقد كانت حركة الإحياء الديني قد ظهرت في غرب أوروبا في القرن العاشر الميلادي ، وبلغت أشدها في القرن الحادي عشر ، قد أدت إلى تقوية مركز البابوية ، وإثارة الحماسة الدينية في نفوس الناس ، هذه الحماسة استغلتها الكنيسية في متنفس خارجي وعندما ما ظهرت فكرة الحرب الصليبية اتخذت الكنائس الغرب الأوروبي ميداناً واسعاً لاستغلال نشاطه المكبوت وحماسته المنطلقة [7] ، وكان ذلك باسم تخليص القدس من أيدي المسلمين [8].

ومن أشهر من تبنى الدعوة إلى الحروب الصليبية هو البابا " أوربان الثاني " والذي يعتبر المسؤول الأول عن الترويج لحرب المسلمين والتحريض على إرسال الحملة الأولى إلى بلاد الشام وكانت الظروف مهيأة ، فسارع إلى عقد اجتماع في مدينة ( كليرمنت ) في فرنسا واستمر المؤتمر عشرة أيام حضره أكثر من ثلاثمائة من رجال الكنيسة [9] كما حضره أمراء من مختلف أنحاء أوروبا ، ومندوبون عن الإمبراطور البيزنطي ، وممثلون عن المدن الإيطالية.

واستطاع البابا أن يثير حماس السامعين في " خطابه " فتجاوب في أرجاء المجتمع هتاف بترديد عبارة " هكذا أراد الله " وبادر الحاضرون إلى اتخاذ الصليب شارة لهم [10] ، كما أن البابا أشار إلى ما أسماه بالخطر الإسلامي المحدق بأوروبا من جهة القسطنطينية ، وأعلن أن النصارى في المشرق يعانون من ظلم المسلمين ، وأن الكنائس والأديرة قد أصابها الدمار ، وحث الحاضرين على الانتقام من المسلمين [11].

والحقيقة إن ما أثاره البابا من تعرض نصارى المشرق إلى اضطهاد هو إدعاء باطل ، لا يتفق وروح الإسلام وطبيعة الدعوة إليه ، وما أحاط النصارى به ، من رعاية وعناية [12]. وكان من الشعارات التي رفعت في هذه الحرب أن الحجاج من النصارى كانوا يتعرضون للاضطهاد والعدوان وهم في طريقهم إلى بيت المقدس - قبيل الحروب الصليبية وهذا إدعاء باطل كذلك [13] ، يقول أحد كبار المؤرخين الأوروبيين : إن حالات الاضطهاد الفردية التي تعرض لها المسيحيون في البلدان الإسلامية في الشرق الأدنى بالذات لا يصح أن تتخذ بأي حال سبباً حقيقياً للحركة الصليبية ، لأن المسيحيين بوجه عام تمتعوا بقسط وافر من الحرية الدينية وغير الدينية في ظل الحكم الإسلامي ، فلم يسمح لهم فقط بالاحتفاظ بكنائسهم القديمة ، وإنما سمح لهم أيضاً بتشييد كنائس وأديرة جديدة جمعوا في مكتباتها كتبا دينية متنوعة في اللاهوت [14].

كما أن الإدعاء بتخريب الكنائس وهدم الأديرة أو مصادرتها لم يقم عليه دليل ؛ وإنما هي شائعات دور الدعاية الباطلة بفتح جبهة على المسلمين وأهمية إعطاء دور الإعلامي عنه ربما أدى إليه تصرف بعينه في قرية بعينها ، لا يمكن بحال من الأحوال أن يعتبر هو الأصل في معاملة المسلمين للمسيحيين وكنائسهم في البلاد الإسلامية [15].

ويقرر أكثر من مؤرخ منصف أن النصارى الذين خضعوا لحكم السلاجقة ، كانوا أسعد حالاً من إخوانهم الذين عاشوا في قلب الإمبراطورية البيزنطية ذاتها ، وما وجد أي دليل على اضطهاد السلاجقة للنصارى في المشرق [16]. إلا أن صيحات البابا كانت محمومة حاقدة لا تعقل ولا تفكر في العواقب الوخيمة لتصريحاته الرعناء ، وإلا ماذا يعنى قوله لأتباعه : اذهبوا وأزعجوا البرابرة ، وخلصوا البلاد المقدسة من الكفار ، وامتلكوها لأنفسكم ، فإنها كما تقول التوراة ، تفيض لبناً وعسلاً [17]. وقد وعد البابا جموع المشاركين بالحرب ، برفع العقوبات عن المذنبين منهم ، وبإعفائهم من الضرائب ، كما وعدهم برعاية الكنسية لأسرهم مدة غيابهم [18].

ولعل ما يدخل ضمن الدافع الديني أيضاً أنه ذاعت في الغرب أخبار الكرامات والمعجزات التي بثتها الكنيسة ، وساد الاعتقاد بأن نزول المسيح ثانية إلى الأرض أصبح وشيكاً ولابد من المضي في الاستغفار وعمل الخير ، قبل هبوطه ، كما ساد تصور مفاده أنه ينبغي استرداد الأرض قبل عودة المسيح [19] ، وقد أدرك البابا أن فورة الحماس الديني لن تستمر طويلاً ، فدعاً إلى القسم بأن تؤدى الصلاة في كنيسة القيامة ، وأشاع أن اللعنة ( سيف النقمة ) ستحل على كل من يستولي عليه الجبن والضعف أو نكص على عقبيه ، وهدد بأن يتعرض كل من لا يلبي نداء الكنيسة بالتوجه صوب الديار الإسلامية بالحرمان من الكنيسة [20]. وهذا من دهائه وقدرته على توظيف العواطف والمشاعر لخدمة مشروعه.

لقد أثرت الكنيسة لما لها من سلطان على قلوب الناس في غرب أوروبا في تلك العصور على الدعوة لهذه الغزوة ، وترتب على دعوة الكنيسة خروج الناس أفواجاً في حملات صليبية ضخمة متلاحقة إلى المشرق الإسلامي [21] ، ولا ننسى الحقد الصليبي على الإٍسلام وأهله ، فقد انتزع من أيديهم أرضاً كانت تحت سلطتهم وحرر منهم عبيداً كانوا يرزحون تحت وطأتهم واستلب منهم ملكاً كان في قبضتهم ، فغلت مراجل الحقد في صدورهم ، وتأججت نار العداوة في قلوبهم ، وأخذوا يتحينون الفرص ليستردوا ما فقدوا وينتقموا لأنفسهم ممن نكبوهم ، ومزقوا مملكتهم [22] ، وهذا المستشرق المشهور الأميرليون كايتاني (1869م إلى 1926م) الذي بذل معظم أمواله ليؤرخ لحركة الفتح الإسلامي في كتابه المعروف ؛ حوليات الإسلام يوضح لنا سر الحقد على الإسلام والمسلمين في مقدمة كتابه حيث يقول : إنه إنما يريد أن يفهم من عمله ذاك سر المصيبة الإسلامية ( كانا ستروفيكا إسلاميكا ) التي انتزعت من الدين المسيحي ملايين من الأتباع في شتى أنحاء الأرض ما يزالون يدينون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويؤمنون به نبياً ورسولاً [23] ، قال تعالى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءَهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير ) البقرة 120 ، وقال تعالى ( ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) البقرة 217

ثانياً : الدافع السياسي : كان الملوك والأمراء الذين أسهموا في الحركة الصليبية يسعون وراء أطماع سياسية لم يستطيعوا إخفاءها سواء قبل وصولهم إلى الشام وفلسطين أو بعد استقرارهم فيهما ، والمعروف أن النظام الإقطاعي ارتبط دائماً بالأرض وبقدر ما يكون الإقطاع كبيراً والأرض واسعة ، بقدر ما تكون مكانة الأمير سامية في المجتمع وفي ظل هذا النظام كانت المشكلة الكبرى التي يمكن أن تواجه الأمير والفارس هي عدم وجود أقطاع أو أرض له ، مما يجعله عديم الأهمية مسلوب النفوذ ، وأدى هذا إلى بقاء عدد كبير من الفرسان والأمراء بدون أرض ، لأن من القواعد الأساسية في هذا النظام أن الابن الأكبر وحده هو الذي يرث الإقطاع ، فإذا مات صاحب الإقطاع انتقل الإقطاع بأكمله إلى أكبر أبنائه [24] ، وهذا يعني بقاء بقية الأبناء دون أرض ، وهو وضع ممقوت في المجتمع الإقطاعي ، الأمر الذي جعل الفرسان والأمراء المحرومين من الأرض يتحايلون للتغلب على هذه العقبة عن طريق الزواج من وريثة إقطاع ، أو الالتجاء إلى العدوان والحرب للحصول على إقطاع.

وكان إن ظهرت الحركة الصليبية لتفتح باباً جديداً أمام ذلك النفر من الأمراء والفرسان ، فلبوا نداء البابوية ، وأسرعوا إلى الإسهام في تلك الحركة لعلهم ينجحون في تأسيس إمارات لأنفسهم في الشرق ، تعوضهم ما فاتهم في الغرب .. أما الأمراء والفرسان الذين كانوا يمتلكون إقطاعات فقد وجدوا في المشاركة في الحركة الصليبية فرصة طيبة لتحقيق مجد أكبر والحصول على جاه أعظم ، وبدراستنا لمراجع الحروب الصليبية نرى أن أطماع أمراء الحملة الأولى تجلت في عدة مظاهر سياسية ، فقد أخذوا يقسمون الغنيمة وهم في الطريق أي قبل أن يستولوا على الغنيمة فعلاً .

وسوف نرى بإذن الله تعالى كيف استحكم النزاع فيما بينهم أمام أنطاكية لرغبة كل واحد منهم في الفوز بها ، وكيف أن من استطاع منهم أن يحقق لنفسه كسبا في الطريق قنع به وتخلى عن مشاركة بقية الصليبيين في الزحف على البيت المقدس ، وهو الهدف الأساسي للحملة وكثيراً ما دب الخلاف بينهم - بعد استقرارهم - حول حكم إمارة أو الفوز بمدينة ، وعبثاً حاولت البابوية أن تتدخل لفض المنازعات بين الأمراء وتحذرهم بأن المسلمين يحيطون بهم ، وأن الواجب الصليبي يستدعي تضامنهم لدفع الخطر عن أنفسهم ولكن تلك الصيحات ذهبت أدراج الرياح ، لأن هدف الأمراء كان ذاتياً سياسياً ، ولم يكن يهمهم كثيراً رضا البابا أو سخطه ، بل إن بعض الأمراء لم يحجموا عن مخالطة القوى الإسلامية المجاورة ضد إخوانهم الصليبيين مما يدل على أن الوازع الديني كثيراً ما ضعف عند أولئك الأمراء أمام مصالحهم السياسية [25].

أما بالنسبة للإمبراطور البيزنطي ( الكسيوس ) فإنه لم يعترض على أهداف أمراء الحملة ، لأنه إذا تسنى للدولة البيزنطية استرداد ما كان لها من أملاك قبل غارات الأتراك عليها ، جاز أن تقوم في تخومها إمارات مسيحية حاجزة ، لها حق السيادة عليها ، ولضمان الحصول على ذلك حرص الإمبراطور على الحصول على يمين الولاء من أمراء الغرب ، وبذلك توافقت مصالح كلا جانبي المسيحيين في القيام بالحرب والعدوان على الأرض الإسلامية.

والواقع أنه من العسير الفصل بين العوامل المادية والعوامل المعنوية التي دفعت المسيحيين إلى الحروب الصليبية ، فالفقر والرغبة في الكسب ، وروح المغامرة كانت عوامل هيأت الجو المناسب للحروب ، غير أن هذه العوامل لم تظهر إلا بما نجم عن فكرة للحرب " المقدسة " وتخليص الأرض بالحماس الديني ، والواضح أن فكرة الحرب نبعت من السياسة البابوية ، وسياسة الدولة البيزنطية والحروب الأسبانية الإسلامية ، فمما سهل أمر إعلان الحرب على المشرق الإسلامي ، ما درج عليه الأسبان والفرنسيون في قتال المسلمين في بلاد الأندلس ، حيث اتخذ هذا القتال صفة الحرب المقدسة ، سواء من جهة المسلمين ، حيث أثار " المرابطون " في المغرب الإسلامي الجهاد الديني ، أو من جهة المسيحيين في الحالة النفسية التي اقترنت بتوجيه الحرب الصليبية إلى الشرق ، حتى أن المؤرخ الكبير " ابن الأثير " نظر إلى الخطر الخارجي نظرة شمولية ، واعتبر أي عدوان على طرف من أطراف العالم الإسلامي - سواء في الشرق أو الغرب - رافد يصيب في النهر الأكبر ، وهو الغزو الأجنبي المنظم على أكبر قوة حضارية في العصور الوسطى ، وهي الدولة الإسلامية [26].

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى كشف المؤرخ المذكور بوضوح عن أسباب نجاح هذا الغزو ، ذي الشعب الثلاث ( الأندلس ، صقلية ، الشام " فلسطين " ) والتي تكمن في الفرقة ، والأطماع الذاتية ، وفقدان الروح الوثابة التي تميز بها الحكام والمسلمون الأوائل بناة الدولة الإسلامية [27] ، وقد كان واضح للعيان أن الكنيسة الغربية كانت محمومة لتوسيع رقعتها الإقطاعية ، والسيطرة على الكنائس الشرقية ، إضافة إلى رغبتها في حرب المسلمين ، ومن حقائق التعصب الديني ، وجود الجماعات الدينية التي كانت ترتبط بالكنيسة مباشرة وكانت ذات أثر فعال في تلك الحروب ، منها فرسان الإسبتارية الذين كانوا ملتزمين بالدفاع عن ممتلكات الصليبيين في المشرق ، وحماية الأماكن المقدسة وكانوا يرتبطون بالبابا مباشرة ، وكانت كنائس بيت المقدس قد خصصت عشر دخلها لمساعدتهم في أداء رسالتهم الدينية المزعومة ، وهناك هيئة الفرسان الداوية التي اتخذت مقرها في جزء من هيكل سليمان عليه السلام في المسجد الأقصى ، وسميت باسم " فرسان المعبد " ، ثم حرفت إلى اسم الداوية [28] ، هذا وقد كانت للبابوية ورجال الكنيسة القدرة على التأثير والضغط والتهديد بالنسبة لمن لا ينفذ رغبة الكنيسة بإصدار قرارات الحرمان التي تقضي بالحرمان من النعيم في الآخرة ونبذ طاعته في الدنيا [29] على حد زعمهم ..

يتبع بمشيئة الله تعالى ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صراح المشاريع الصليبيه - الحلقة الأولى - منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فينشر كابيتال يؤسس شركة للاستثمارفي المشاريع الصغيرة السعودي
» التمسك بنظام الدفعة المقدمة تسبب في تأخير وتعثر المشاريع الحكومية
» بسم الله الرحمن الرحيم ،، وبه نستعين ،، الخطوة الأولى !!!
» زيادة أسعار تذاكر الأولى والأفق الداخلية 30%
» حقائق قرآنية..عن الأزمة المالية >> الورقة الأولى <<

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: .. اقسام وموضوعات المنتدى القديم (للقراءة فقط) .. :: .. السياسة الخارجية وقضايا المجتمع والتغطيات الاعلامية .. :: [ السياسة الشرعية والمسلمون ]-
انتقل الى: