الرشوة .. حين تصبح ثقافة !!

موضوع: الرشوة .. حين تصبح ثقافة !! 2008-07-24, 8:17 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الرشوة .. حين تصبح ثقافة !!

من كان يصدق أننا سنشهد اليوم الذي يتحدث فيه الناس بمجالسهم عن "الرشوة " ، وانها باتت أمرا طبيعا في بلد ( الإسلام والمسلمين ) ، حتى انتقلت هذه الجريمة الكبيرة التي جاء الإسلام بالوعيد الشديد لمن يقترفها (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش ) من كونها كبيرة من كبائر الذنوب توجب العقوبة المغلظة في الآخرة ، وهي الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى لتكون سلوكا طبيعيا يمارسه الكبير والصغير والصالح والطالح على حد سواء ..

اما الطالحون ، فهم لم يرفعوا رأسا بقيم الشريعة ، فهم في سبيل تحقيق اغراضهم الخاصة وتضخيم رؤوس اموالهم لا ينظروا إلى موضوع الحلال والحرام ، ولا يسألون عن مصدر المال سواء كان رباَ ، او رشوة ، او اكلا لاموال الناس بالباطل ، فالشي الذي بين اعينهم كيف احصل على ما أريد ، بالرشوة ، بالزغلطة - على تعبير العامة - بالكذب ، بالدجل ، فالمهم هو كيف أكسب ، كيف انهب دون مراعاة لحرمة الامر من حله .. وهؤلاء هم الشر المستطير الذين أفسدوا الدين والدنيا ، وأوقعوا الناس بالظلم والتظالم ، وأفسدوا كثيرا من المتورعين والصالحين في مناصبهم ، وحرموا الناس من حقوقهم ، ( ولا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وانتم تعلمون ) ، وهم الذين أشاعوا هذا الداء في الواقع حتى أصبح امرا طبيعيا يراه كل من يراجع دائرة من الدوائر .. حتى أصبح هذا الداء سلوكا طبيعيا لكثير من رجال الأعمال ، حتى أخذ الكثير من رجال الأعمال يحسبون قيمة " الرشوة " من ضمن دراسة الجدوى الاقتصادية ..فهم مجرمون مع سبق الاصرار والترصد ..

أما الصالحون ، فهم يبررون عملهم بان المصالح تعطلت ، وان الواقع يدفع إلى هذا دفعا إضطراريا ، وأنهم لم يسلكوا هذا الطريق إلا حين تعثرت مصالحهم ، ووقفت مشروعاتهم ، فأحدهم يقول : تخيل أنني أجري دراسة اقتصادية بمئات الملايين أحيانا ، واجرى عليها التصاميم اللازمة ، وأعيش السنة والسنتين بل والثلاث في سبيل ان أستخرج التصاريح اللازمة للبداية بالمشروع ، ثم يكون كل جهدي وهمي هو مراجعة الدوائر الحكومية ذات الاختصاص ، ثم أكتشف ان هناك إعاقة لمشروعي لا أفهمها ، نظرات لا أدرك معانيها ، وحركات لم اتعود عليها من بعض الموظفين ، ثم أكتشف اللعبة فإذ المسألة واضحة ... المعاملة مركونة في أحد الدروج ، والشرط الوحيد لاستخراجها هو ان تدفع ، وإلا أنت معرض شئت ام أبيت لإعاقات لم تحلم بها ، فهؤلاء الموظفون عندهم القدرة أن يجعلوا المعاملة تنتهي بشهر او بسنة او بعشر سنين ، او تنتهي قبل ان تبدا بها ، أو لا تنتهي ابدا ، والذي يدفع هو الذي تسير أموره بالشكل الذي يريد !

يقول هذا المستثمر : إنني الآن بين امرين لا ثالثا لهما ، فإما ان أحافظ على قيمي وديني ، ولا أساهم في " تطبيع " هذا الداء العفن في البلد ، وهذا يعني ان طموحاتي الاستثمارية ستنتهي حين أكتشف أنني خسرت كل شي قبل ان أبدا ، وإما ان أرضخ لهؤلاء الذئاب الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وهذا يعني انني أسهمت رغما عني في تحقيق مآربهم ومنافعهم الخاصة ، وشاركت في جريمة خاصة وعامة تعود على البلد بالخزي والدمار ..

إن مثل هذا المستثمر هو عينة من آلاف الواقفين بل والخاضعين تحت رحمة هؤلاء المرتشين الذين عطلوا اقتصاديات البلد ، واعاقوا مسيرته التنموية ، وشلوا حركته النافعة ، فالمشروع الذي يستحصل المستثمر على تراخيصه في دبي في يوم واحد يحتاج ان ينجز في السعودية بسنة ونصف ، وبعد ذلك نتحدث عن توطين الاستثمار في بلادنا ، وعن جلب المستثمرين من الخارج ، وتسهيل الأمر على المواطنين ، ونحن نراهم قابعون في خزي البيروقراطية والرشاوى التي لم تقف عند حد المشروعات التجارية والاستثمارية ، بل تغلغلت وصارت قيما حتى في بعض كتابات العدل والمحاكم .

إن الموظف الذي أصبحت الرشوة قيمة في حياته يستسهل كل ما سواها من المصائب ، فالمحسوبيات والفزعات العائلية والقبلية والمناطقية والفئوية من أسهل الأمور عليه ، فهو يتمنى لو كان الناس كلهم مرتشون مثله ( ودت الزانية لو كل الناس زوانيا ) ، حتى لا يشعر بتأليب الضمير ، ولا يشعر في غربة في مجتمع نبيل ، ولذا لا تعجب أن تجد موظفا بسيطا في بلدية او في امانة يقوم بجمع الرسوم من المحلات يركب أفخر المراكب ، وأن موظفا في الجوازات او في مكاتب العمل يعيش عيشة الأغنياء الكبار ، وهذا سلوك يحتاج إلى حلول عاجلة .. وإلا حل في وادينا الخراب !

إن قضية " الرشوة " ليست ذنبا خاصا يفعله الإنسان ثم يتوب إلى الله منه ، ويكون الامر بينه وبين ربه مثل ذنوب الخلوات ، بل هي " ذنب متعد " يكتوي بناره المجتمع كله ، فذاك الرجل الذي يسهر الليالي الطويلة يدرس ويجمع ويطرح ، ويطمح ان يحصل على عقد مع الدولة او مع غيرها ، ويناقس المنافسة الشريفة ثم يفاجا بان العقد قد طار من بين يديه لان الاولوية ليست للأجود ، ولا للأفضل ، ولا للأصلح ، ولا للأقل ، بل الجودة هي لمن يدفع اكثر ، فتتحطم مع هذا المنكر آمال الكثيرين ، ويشعرون بنقمة شديدة على مجتمع لم يقدرهم حق قدرهم ، وينزعون الولاء الشعوري لواقع لم ينصفهم ، وبيئنة غلبت على سلوكها الرأسمالية الجشعة التي تجعلها تدوس القيم الشرعية والأخلاقية تحت أقدامها ..

المسئولية تجاه هذه القضية مسئولية عظيمة ، والواجب على ولاة الامر والعلماء والدعاة ومناهج التربية والتعليم والإعلام واجب عظيم ، وتبعته كبيرة في الدنيا والآخرة ، فعلي مستوى المسئولية فنحن بحاجة إلى رقابة كبيرة ومحترفة لمحاصرة هذا الداء الخبيث ، وإيقاع العقوبات التعزيرية على من يقوم بمثل هذه الأفعال من خلال ( قوانين \الضبط الاجتماعي ) التي تُعلن ليعرف الإنسان قدر العقوبة قبل ان يفعلها ، ولا يكون هناك محاباة ولا مجاملة لأحد في ردعه عن غيه ، ومن خلال الضبط المالي لكافة قطاعات الدولة من خلال تفعيل الحكومة الالكترونية التي تتيح الرقابة بشكل كبير على التدفقات المالية ، ومتابعة ارصدة الموظفين الذين يعملون في وظائف قابلة للرشاوي ، وتسهيل الاجراءات النظامية للتعاملات التجارية والمالية حتى يقطع الطريق على من يحاول الاعاقة في سبيل الجاء الناس إلى الرشوة ، وتفعيل دور هيئات الرقابة في الدولة واعطاءها السلطات اللازمة لتمارس دورها بعيدا عن تحايلات المتحايلين .

واما على مستوى الخطاب الدعوي والشرعي والإعلامي ، فنحن بحاجة إلى تكثيف دور التوعية والتحذير والتركيز على الأضرار المجتمعية الكبيرة التي تنتج من جراء هذا الداء الخطير ، وتربية الناشئة على القيم العليا الاجتماعية كمنهج وقائي في المستقبل ، وقيام الخطباء بواجب النصيحة والتوجيه بهذا الداء ، وتقديم الدراسات العلمية التي تستفيد من معطيات العصر لمواجهة هذا الداء ، وتفعيل دور المؤسسات الاجتماعية التوجيهية في محاصرة هذا الداء من خلال مركز اتصال للابلاغ عن " المرتشين " في كافة القطاعات الحكومية والاهلية .. وتوجيه التجار إلى ضرورة المساهمة في مواجهة هذا الخطر من خلال قطع الطريق على من يستغل حاجاتهم ، وإيصال معاناتهم إلى الجهات المحتصة كوزارة التجارة والغرف التجارية ومناقشتها بشكل واسع ، والمطالبة بإصلاح الأنظمة وديناميكيتها حتى لا يقعون في فخاخ هؤلاء المرتشين الآثمين ..

أعرف أني لم اوف هذا الموضوع حقه من الطرح ، ولكنها إشارة وتوجيه الأنظار إلى خطورة هذا السلوك على الفرد والجماعة ، وعلاقة هذا الذنب بالظلم الذي هو من اعظم الذنوب عند الله تعالى كما جاء في الحديث القدسي (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) ..

وفق لله الجميع !

منقووووووووووووووول

بارك الله فيك وفي جهودك

ولا حول ولا قوة الا بالله

جزاك الله كل خير أبو عبدالرحمن
يا أخي بلاش على مستوى المشاريع تمعن عندما ينتهى إنسان من بناء منزله وعند طلب إدخال الكهرباء تدخل الجن وتسكن في البيت والكهرباء ما تدخل إلا

البيرق الاخضر كتب:: جزاك الله كل خير أبو عبدالرحمن
يا أخي بلاش على مستوى المشاريع تمعن عندما ينتهى إنسان من بناء منزله وعند طلب إدخال الكهرباء تدخل الجن وتسكن في البيت والكهرباء ما تدخل إلا

ههههههههههههه ههههههه

والا لوحدها قضية شعوب

اخي/ البيرق الاخضر

إضافة في محلها .. بارك الله فيك !

آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يالرشوه انتشرت انتشااااااااااااااااااااااااااااااااار غير طبيعي وتضرر منها الكثير

نسأل الله العفو والعافيه

يعطيك العافيه على طرحك

» ثقافة التعامل مع الازمات
» في سبيل ثقافة نفطية .. النفط وأهم المضايق المائية العالمية