بسم الله الرحمن الرحيم
البعد الإنساني للتضخم : شبح المجاعة في دول الجوار
د. عبدالعزيز حمد العويشق
أعلن البنك الدولي هذا الأسبوع أنه قد رصد مبلغ 1.2مليار دولار لمساعدة أكثر الدول فقراً على مواجهة ارتفاع أسعار الغذاء، وكان من ضمن الدول التي حددها من دول الجوار اليمن وإثيوبيا. وقبل ذلك كانت مجلة السياسة الخارجية Foreign Policy قد حددت في عدد هذا الشهر دولاً خمساً تتوقع أن تكون الأشد تأثراً بأزمة الارتفاع في أسعار المواد الغذائية وهي: (كوريا الشمالية - باكستان - إندونيسيا - إثيوبيا - اليمن)، وتتوقع أن تصبح المجاعة أمراً واقعاً في تلك الدول مالم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات سريعة لتفاديها.
وفي حين أن من المتوقع أن تكون المجاعة محدودة في مناطق معينة، فإن سوء التغذية وما له من آثار مدمرة ستشمل رقعة أوسع من دول العالم. وبطبيعتها تلفت المجاعة انتباه العالم وتسعى الدول المانحة والمنظمات الإنسانية إلى مساعدة المناطق المتضررة منها، بعد وقوعها، أما سوء التغذية فإنها لا تحظى بالاهتمام نفسه مما يعني أنها قد تستمر فترات طويلة. وأول من يتأثر بالمجاعة وسوء التغذية هم الأطفال والأمهات وكبار السن والمرضى وذوو الاحتياجات الخاصة، وتلك هي أقل الفئات قدرة على المقاومة.
وفي حالة اليمن على سبيل المثال، ذكرت المجلة في دراستها أن عدداً من العوامل قد اجتمعت هذا العام لتجعلها مرشحة لحدوث أزمة غذائية حادة. فبالإضافة إلى تضاعف أسعار المواد الغذائية أربع مرات هذا العام، فإن ارتفاع عدد اللاجئين من شرق إفريقيا والوضع الأمني المتفاقم قد أسهما في حدة المشكلة. وبالإضافة إلى ما ذكرته المجلة، إذا أخذنا بعين الاعتبار انخفاض مستوى الأمطار، والتناقص المستمر في مخزون المياه في اليمن، وتنامي العجز في الميزانية الحكومية، وانخفاض إنتاج النفط، فإن قدرة الجهات المسؤولة على معالجة الوضع تصبح محدودة دون مساعدة خارجية.
ويرى عدد من الخبراء أن أزمة الغذاء في اليمن قد أدت حتى الآن إلى العودة بمستويات الفقر إلى مستويات عام 1998م أي أن الأزمة قد ألغت المكاسب الكبيرة التي تم تحقيقها على مدى السنوات العشر الماضية في التخفيف من مستويات الفقر في اليمن.
ومن حسن الحظ أنه ما زال ثمة بعض الوقت لتفادي أكثر مظاهر الأزمة قتامة، فليس هناك حتى الآن حالات موثقة من المجاعة، مما يوفر فرصة - وإن كانت محدودة - للعمل الإنساني الفعال، ويمكن أن يشمل ذلك عدداً من الإجراءات منها السريع مثل تقديم مساعدات عينية مباشرة، عن طريق برنامج الغذاء العالمي على سبيل المثال، وفي نفس الوقت مساعدة اليمن على مواجهة الآثار المترتبة على انخفاض الإنتاج الغذائي. ويتطلب الأمر كذلك مراجعة لبعض سياسات التنمية وإعادة تركيزها على التنمية الريفية بما يشجع المواطنين على البقاء في المناطق الريفية وزيادة إنتاج المواد الغذائية وتخفيف معدلات الهجرة الداخلية.
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2008/06/02/article347400.html